تتضمن شروط حد القذف، كما قال تعالى (والذين يتهمون المحصنات ثم لا يأتون بأربعة شهود فجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا شهادتهم أبدا)
تشير هذه الآية إلى أن رمي الزانية من الجرائم الكبيرة عند الله، وأن الله فرض عقوبة على المرتكب لهذا الفعل، وهي الجلد بثماني مجلدات، ولا يقبل شهادته أبدا.
ما معنى القذف؟
- يطلق مصطلح القذف في اللغة على الرمي والإلقاء، فنقول قذف الرجل الحجر ليرميه بالحجارة، ومنه قوله تعالى (أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم).
- أما مصطلح القذف فهو رمي أحد الأشخاص، سواء كان رجلا أو امرأة، بتهمة الزنا.
- أو اتهام الشخص بممارسة علاقة جنسية محظورة مثل اللواط والزنا.
- يعتبر القذف من أعظم الكبائر عند الله سبحانه وتعالى، ولذلك فقد حظره الله سبحانه وتعالى.
- من خلال فرض عقوبة قاسية وصارمة على أي شخص يرمي الناس باتهامات كاذبة دون وجود أدلة.
- كما يعد القذف لغير الشخص الزاني من الأفعال المحظورة والمعاصي البغيضة التي تهلك صاحبها وتمنعه من دخول الجنة.
- ذلك يستند إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ومعنى الحديث هو أن يتجنبوا السبع المهلكات.
- التي تتعرض مالكتها لغضب وسخط من الله عز وجل، وتعتبر واحدة من السبع الموبقات قذف المحصنات.
شاهد أيضًا: كفارة الزنا في الإسلام
مفهوم الحد في الإسلام
- يقول الله تعالى في كتابه (تلك حدود الله فلا تقتربوا منها). والحد هو العقوبة التي فرضها الله على عباده الذين يرتكبون المعاصي والذنوب والسيئات، والتي نهانا الله تعالى عن اقترابها وأمرنا بالابتعاد عنها.
- فإن الله سبحانه وتعالى فرض الحد ليكون وسيلة لردع الناس ومنعهم من ارتكاب المعاصي والآثام.
- الحد هو جزء من حقوق الله عز وجل ويجب على القائمين على شؤون المؤمنين تنفيذه.
- أن يتم وضع حدود الله وتطبيقها على الشخص بشكل قاطع ونهائي في حالة ثبوتها.
حد القذف
- فرض الله سبحانه وتعالى عقوبة شديدة على من يقذف المحصنات دون أن يمتلك أي دليل على هذا الاتهام.
- وأشار الله تعالى في كتابه العزيز إلى أن عقوبة الشخص الذي يرمي المحصنات بالباطل هي الجلد بالسوط ثمانين جلدة، ويتعين على من يقوم بتنفيذ هذا الحد عدم الشفقة والرحمة تجاه هذا القاذف.
- القاذف لا يقبل شهادته إلا إذا ثبتت صحة ما قاله، ويجب أن يقدم أربعة من الشهداء كشهود على صحة كلامه، وأن يؤكدوا ذلك بالقسم.
- بالإضافة إلى العقاب الذي يتعرض له الشخص القاذف في الحياة الدنيا، فإن الله سبحانه وتعالى يعده بعذاب شديد وعظيم في الدار الآخرة.
- يحدث ذلك بسبب ارتكاب هذا الشخص جرائم كبيرة تتعرض صاحبها ومرتكبها لعقاب الله في الحياة الآخرة وسخطه في الحياة الدنيا.
- إذا قذف الشخص بدون دليل يثبت ذلك، فإنه إذا مات هذا الشخص قبل أن يتوب إلى الله ويطلب الغفران من الشخص الذي تم قذفه وسبه، فلن يدخل الجنة.
لا تنسى قراءة: معنى اللعان في الاسلام
ما هي شروط إقامة حد القذف؟
هناك ثلاثة شروط تتعلق بتطبيق حد القذف، بما في ذلك شرط يتعلق بالشخص الذي يقذف وشرط يتعلق بالمادة المقذوفة، والشرط الأخير يتعلق بصيغة القذف
شروط القاذف
- يشترط في الشخص الذي يقذف لتنفيذ حد الاحتجاز أن يكون بالغا وعاقلا من غير إكراه، وأن يكون لديه معرفة بتحريم الأمر.
- وأضاف بعض الفقهاء إلى هذه الشروط أنه يجب ألا يكون الشخص الذي يقذف مأذونا له بالقذف من قبل المراد قذفه، فلا يتم تنفيذ حد القذف على هذا الشخص.
- يجب أن يكون الشخص الذي يقذف ملتزما بأحكام وضوابط الشريعة الإسلامية.
- حتى يتم تطبيق حد القذف عليه، ولا يوجد فرق ما إذا كان الشخص القاذف رجلا أو امرأة.
- اشترط بعض علماء الدين لتنفيذ حد القذف على القاذف أن ينطق بلفظ القذف بصورة صريحة.
- إذا كان اللفظ ضمنيا، فإنه يؤدي إلى القذف وأمور أخرى لا يتم تطبيق الحد عليه.
- يجب أن لا يكون الشخص الذي يلقي الاتهام هو الأصل للاتهام، ولا يعاقب الأب الذي ألقى ابنته لأنه لا يعد من الفعل الحسن والبر أن يتم تطبيق العقوبة على الأب.
شاهد أيضا: معلومات لا تعرفها عن كفارة الزنا
الشروط التي تتعلق بالشخص المقذوف
- وافق جميع العلماء على أن من أهم شروط فرض الحد على القاذف أن يكون الشخص المستهدف محصنا وعفيفا، وبريئا من تهمة الزنا.
- يعاقب الذين يستهدفون النساء المؤمنات الغافلات بلعنتهم في الدنيا والآخرة، وهذا مثبت في القرآن الكريم.
- حيث اتفق علماء الدين على أن لفظ المحصنات المشار إليه في الآية الكريمة.
- يشير إلى أن الشخص المتهم يجب أن يكون بالغا عاقلا ومسلما وليس عبدا، بالإضافة إلى براءة الشخص من تهمة الزنا.
- بناء على هذا الدليل، إذا تم إلقاء الصبي أو المجنون الغير عاقل أو الكافر أو العبد، فإن حد الإلقاء لا ينفذ على الشخص الذي قام بالإلقاء ولا يتم الانتقام منه.
- يروي بعض علماء المسلمين أنه ليس شرطا أن يتوفر في الشخص العقل والبلوغ والإسلام والحرية.
- واتفقوا جميعا على أن الشخص المرمى يجب أن يكون محصنا من الزنا.
الشروط التي تتعلق بصيغة القذف
- يجب أن يكون القذف بكلمة صريحة حتى يتم تطبيق العقوبة على الشخص القاذف، مثل قول “يا زاني” أو “يا زانية”.
- هذه العبارات تشير بوضوح وبشكل مباشر إلى القذف، وبذلك يعاقب من يقذف بجلدة الجلد الثمانين.
- في حال كانت الكلمة المستخدمة للإشارة إلى القذف غير صريحة وتحمل معنى القذف وغيره.
- من المثال الذي يقول الشخص `يا قحبة`، فهذا لا يعد اتهاما لأن كلمة `قحبة` تستخدم للمرأة الزانية أو العجوز.
- في حالة التعريض، اتفق بعض الفقهاء على أنه يجب تنفيذ الحد على الشخص الذي قام بالتعريض.
- شريطة أن يفهم من كلامه بوضوح أنه يشير إلى القذف، على سبيل المثال قول الشخص `أنا لست زانيا` أو `أمي ليست زانية` وغيرها من التعابير المسيئة.
- ويؤكد ذلك ما ذكر عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، حيث كان هناك رجل في عهد عمر بن الخطاب يقول: ليست أمي زانية ولا أبي زاني.
- سأل عمر بن الخطاب عن معنى هذا الشخص، فأجابه بعض الصحابة بأنه الرجل.
- قام ابن الخطاب بتمدن نفسه قائلا إن كان للشخص الآخر قوة، فقد أشاد بنفسه، وإن لم يكن للشخص الآخر قوة عندما قال ذلك، فوالله لن يعاقب أحدنا باتهامه بالقذف.
ما هي الحكمة من مشروعية حد القذف؟
- شرع الله سبحانه وتعالى عقوبة القذف كوسيلة رادعة، لتقييد الناس عن رمي بعضهم البعض بأعمال فاحشة.
- والهدف من شرعية حد القذف هو حماية أعراض الناس من الاعتداء وتعرضهم للأذى.
- بالإضافة إلى الحفاظ على سمعة الناس من التلوث والدنس.
- محاولة التحكم في المجتمع والحفاظ عليه، بالإضافة إلى الحد من انتشار هذه الأقوال والكلمات بين الناس.
- منع وقوع العقوبات والعداوات والخصومات والخلافات بين الناس.
- هذه الأمور تحدث فقط عند السب والقذف في أعراض الأشخاص.
- وكذلك الحكمة التي وضعها الله سبحانه وتعالى كرادع للقذف.
- هو التخلص من انتشار الفواحش في القول بين المسلمين لأن كثرة التلفظ بمثل هذه الأقوال قد يعتاد الناس على سماعها.
- لذلك فرض الله سبحانه قيودا على أولئك الذين يتلفظون بهذه الكلمات، بهدف منع الناس من استخدامها أو التحدث عنها.
متى يسقط حد القذف؟
- يسقط حد القذف على الشخص القاذف إذا استطاع أن يثبت جريمة الزنا على الشخص المقذوف.
- وهو عندما يأتي بأربعة شهود يشهدون أن هذا الشخص ارتكب جريمة الزنا.
- يثبت ذلك بقوله تعالى `والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة`.
- تسقط العقوبة أيضا في حالة اعتراف الشخص بنفسه بممارسة الزنا، في هذه الحالة لا يتم تطبيق العقوبة على الشخص الذي ارتكب الزنا.
- إعفاء الشخص الملقى بالقذف من المسؤولية ولا يطالب الملقى بمحاسبة القائم بالقذف وفقا لذلك.
- إذا قام رجل برمي رجل آخر ثم اكتشف فيما بعد أنه كان مخطئا.
- فالخيار الوحيد لديه هو أن يسعى للمغفرة والعفو من المصاب بالقذف حتى ينزل عنه العقوبة.
- يحدث القذف عند الجماع بين الزوجين وذلك في حالة اللعان.
- إذا اتهم الزوج زوجته بارتكاب جريمة الزنا وقام برميها، ثم شتمها حتى يصل إلى حد الطلاق.
- يشير ذلك إلى أن هلال ابن أمية قام برمي زوجته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم باللعن بينهما، وسقطت عقوبة الرجم عن هلال ابن أمية.
- أوضح القرآن الكريم أن الذين يقذفون زوجاتهم لا يوجد لديهم دليل.
- ولا يكون هناك شهود على هذا القذف إلا أنفسهم، فأمرهم الله سبحانه وتعالى بأن يشهد أحدهم بالله أربع شهادات على صدقه فيما قال.
- الشهادة الخامسة هي لعنة الله على كل من يكذب.
شاهد أيضا: شروط صلاة التوبة من الزنا
في نهاية هذا المقال، قدمنا شرحا مفصلا عن القذف وشروط إقامة حد القذف.
