الله تعالى لا يعجزه شيء، وإذا أراد سبحانه وتعالى شيئا فإنه لا يتعارض أو يمنع، إذ هو القادر على كل شيء، وفي هذا المقال سنذكر لكم تفسير: `والله هو الذي يسود أمره، ولكن معظم الناس لا يعلمون بصورة دقيقة وبأكثر من رأي.
تفسير: والله هو الغالب على أمره ولكن معظم الناس لا يعلمون
المعنى العام لهذه الآية هو أن الله سبحانه وتعالى قادر على فعل أي شيء وإذا أراد شيئا فلن يمنعه أي شيء، لأنه القاهر والقادر على كل شيء.
قال سعيد بن جبير رحمة الله تعالى عليه عن تفسير الآية: {الله غالب على أمره} [يوسف: 21]، وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، فهو القادر على كل شيء.
وقوله سبحانه وتعالى {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون}، أي بمعنى: إن الناس غافلون عن حكمة الله تعالى في خلقه، ورحمة الله سبحانه وتعالى فيما يشاء.
في قوله السبحان والتعالى (أمره)، هناك قولان صحيحان، إما أن الهاء تعود إلى الله سبحانه وتعالى، أو تعود إلى يوسف عليه السلام.
وهما لا يتعارضان، فقد تضمنت هذه السورة معان متعددة في سورة يوسف بشكل خاص، وفي حالات البشر بشكل عام.
شاهد من هنا: فضل سورة النمل
تأملات
فلنتأمل معا أول ما قاله نبي الله يعقوب لابنه يوسف عليه السلام (يا بني، لا تعرض رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا) [يوسف:5].
وبالتالي، لم يرو نبينا يوسف رؤياه لإخوته، وكان ذلك يدل على طاعته كطفل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن إخوة يوسف لم يكونوا حاضرين أو يسمعون أبدا عن جلسة يوسف مع أبيه، ولكن (والله هو الحاكم العظيم على كل أمره).
تقرب إخوته منه ونصبوا له فخا، وبالرغم من أن الحذر لا يمنع القدر، إلا أن الحذر الشديد لم ينفع سيدنا يعقوب وحدث ما كان يخشاه.
لنتأمل أيضا كيف أراد إخوة يوسف أن يزيلوا حب والده تجاهه، وأن يكونوا هم الوحيدين الذين يحظون بحب والدهم، ولكن الله هو الذي يتفوق ويسود في أمره.
لم يغادر حب سيدنا يوسف عليه السلام قلب أبيه، فظل يحبه ويشعر بالحزن عليه، وكان قلبه مليئا بحب يوسف، حتى عندما فقد أخاه، لم يقل إلا جملة واحدة وهي `يا أسفي على يوسف`.
لنتأمل أيضا كيف كان سيدنا يوسف محفوظا في قلب أبيه، حيث قال: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه} [يوسف:87]، ولم ينسه طوال الأيام والسنون.
وهنا يكون التفسير: والله غالب على أمره ولكن معظم الناس لا يعلمون
إن إرادة الله تعالى غلبت، فقد بقي قلب يعقوب متعلقا بيوسف إلى الأبد ولم ينفصل عنه أبدا.
تأملات في سورة يوسف
دعونا نتأمل كيف أراد إخوة يوسف أن يلقوه في قعر الجب، ولكن الله تعالى رفعه إلى أعلى الملك.
وقال الملك ليسدنا يوسف عليه السلام: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) [يوسف:54].
لنتأمل كيف أراد أولئك الذين أخرجوا يوسف عليه السلام من الجب أن يبيعوه ليصبح عبدا لشخص آخر، لكنه تم شراؤه بواسطة عزيز مصر وكانت قدرته أن يعيش حياة الملوك مع أبنائه.
وقد أرادوا من خلال ذلك أن يهينوه، وعندما اشتراه عزيز مصر، أخذه لزوجته وقال لها: أ{احتفظي به واعتبريه كأنه ابننا} [يوسف:2١].
وهذا ما يعنيه: إن الله قادر على أمره ولكن معظم الناس لا يدركون ذلك هنا.
ولنتأمل أيضًا قولهم: وتكونوا بعد ذلك من الأشخاص الصالحين، أي الذين تابوا، وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يمحو ذنب إخوة يوسف الذي ارتكبوه.
وأصروا على ذلك حتى اعترفوا به ليوسف عليه السلام بعد سنوات طويلة.
ثم قالوا لأبيهم: {أيها الأب الحنون، اغفر لنا خطايانا لأننا أخطأنا} [يوسف:97].
دعنا نتأمل كيف تعاملت الزوجة العزيزة مع يوسف عليه السلام.
وتم إغلاق الأبواب عليه ودعوته في غياب العزيز لكي لا يكتشف أي شخص ما تعتزم القيام به.
وهذا ليزيل الشك عنه وعن جميع الناس، ولكن (والله غالب على أمره) سيكشف السر.
وعرف الجميع بفعلة امرأة العزيز.
ألقاها العزيز على الباب وابتعد عنها، وانتشر الخبر.
تحدثت النسوة في مصر عنها وكيف أنها أغوت شابا بنفسها.
وكان تفسير: والله هو الذي يسود أمره، ولكن معظم الناس لا يعلمون أن الله تعالى غلبت مشيئته.
وتم كشف أمر زوجة العزيز ولم تسجن، وبرأ الله سبحانه وتعالى سيدنا يوسف عليه السلام.
اقرأ أيضًا: فوائد سورة الكوثر الروحانية
تأملات في تفسير: والله غالب على أمره
دعنا نتأمل كيف أرادت امرأة العزيز أن تنجو أمام زوجها.
وأن تقود مكيدتها إلى سيدنا يوسف عليه السلام.
ولكن أراد الله تعالى أن تظهر براءة يوسف عليه السلام من خلال شاهد من أهلها، حتى يتأكد زوجها من الفاعل ويستقر الحق في قلبه.
وقال لزوجته: {واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين} [يوسف:29].
ولنتأمل أيضا كيف وضعت له فخا هي ونسوة مصر.
وكيفية وضعه في السجن والرغبة في إهانته وإذلاله وتسببه في الشعور بالعذاب والوحدة في السجن.
ولكنه لم يشعر بالوحدة لأن الله تعالى غلب إرادته.
فكان يوسف عليه السلام في السجن يذكر ربه ويحسن التصرف تجاه خلق الله.
هنا تفسير: الله هو الغالب على أمره، ولكن معظم الناس لا يعلمون
الله تعالى رفع مكانة هذا الشخص عندما حاولت امرأة العزيز إهانته وجعلت الناس يحبونه ويستمعون إليه.
فلنتأمل كيف أراد يوسف عليه السلام أن يخرج في المرة الأولى.
ولكن الله تعالى لم يشأ أن يكون أحدا ممن يتلقون منه، بل أراد أن يخلقهم حرين ومستقلين.
ويجب أن يرفع مكانته ويجازى بأجر يعكس صبره وإحسانه. وقد أراد الله للملك رؤية لم يفسرها أي من مفسري مصر.
إلا أن ساقي الملك قال له عن يوسف عليه السلام.
وكيف قام بتفسير حلمه وصديقه عندما كانا في السجن.
طلب الملك رؤية يوسف عليه السلام على وجه السرعة.
وبذلك تحققت إرادة الله تعالى وخرج يوسف من السجن مكرما.
والله غالب على أمره
فلنتأمل كيف أراد سيدنا يعقوب عليه السلام حفظ أولاده من الأذى.
وقال لهم بأن يدخلوا مصر من جميع أبوابها وليس من باب واحد فقط.
وهو يدرك أن قدر الله تعالى لا يمكن أن يحل محله أي شيء.
ولكن إرادة الله أن يفقد أحد الإخوة (إن الله هو الغالب في أمره)، ولنتأمل أيضا ما فعله الإخوة.
وكيف استعدوا للتضحية بأحدهم مقابل أخيهم.
وما كان ليوسف عليه السلام أن يأخذ أخاه إلا بمشيئة الله، حيث ساد أمر الله.
دعنا نتأمل كيف قدر الله على نبينا يوسف أن يصبح عزيزا في مصر.
ثم ينتقل إلى إسكندرية الملوك حيث يمكنه نشر دعوته هناك.
وكيف أن يوسف عليه السلام أنقذ مصر من الجوع عندما فسر رؤية الملك.
عندما جاء إخوته، طلبوا الحنطة وكان ذلك بمشيئة الله تعالى.
بحيث يلتقي يوسف بإخوته ويعترفون بفعلتهم ويطلبون الصفح منه.
مشيئة الله حدثت عند لقاء يوسف عليه السلام بأبيه واستعادة بصره.
شاهد أيضًا: فوائد سورة البقرة في البيت
وفي النهاية، جميع الأمثلة التي ذكرناها هي تفسير لإرادة الله تعالى التي تسود كل شيء، ولكن معظم الناس لا يدركون ذلك. فكل مثال من الأمثلة السابقة كان توضيحا لمشيئة الله تعالى التي تتفوق على كل شيء، وذلك لزيادة المعرفة بتفسير الآية.
