تفسير ذلك ومن يكرم طقوس الله

تفسير ذلك هو أن من يعظم شعائر الله، يشير إلى هذه الآية الكريمة التي نزلت في سورة الحج وتتحدث عن تكريس وتعظيم شعائر الحج.

إذا كانت تتحدث عن الشعيرة العظيمة هذه؛ وهي الحج التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أركان الإسلام، قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(بناء الإسلام على خمسة أركان)، وجعل حج البيت فرضا على من استطاع الوصول إليه، وهو أحد أركانه، وعلى الرغم من ذلك، فإنها تشير إلى أهمية قوة الإيمان في قلوبنا، حيث يتجذر الإيمان في القلب ويتجلى في الأعمال الصالحة.

سياق تنزيل الآية الكريمة

يقول الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم؛

(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور)،(الحج٢٧-٣٠)

وفي الآيات أمر من الله سبحانه وتعالى؛ أن رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أمر المؤمنين بأداء الحج.

ويتضمن ذلك الطواف والسعي والنحر والوفاء بالنذور، تطبيقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم، ويقول الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم: (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي أي شيء واطهر بيتي للطائفين والقائمين والراكعين والساجدين).

ثم يختم رب العزة تفسير المؤمنين بأن من يجتنب ما أمر الله به ويتجنبه، يكرم حدود الله سبحانه وتعالى.

إذا بشره الله بالخير العظيم منه، ثم يزيد رب العزة لمن يحترم حرمات الله؛ بأن يصفه بالصالحين فيقول الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم؛ (الذين يؤمنون بالله وحده ولا يشركون به شيئا، ومن يشرك بالله فكأنما يسقط من السماء فيتنهد به الطير أو يجره الريح في مكان بعيد).

وحنفاء هم المستقيمون لله، سبحانه. يعتمدون على الإخلاص والتوحيد لله، عز وجل. ويعاقب المشركين بالهلاك، ويسحقهم في نار جهنم.

بسم الله الرحمن الرحيم؛ (من يحترم شعائر الله فإنها تعزز الخشية في القلوب).

يعظم ما أمر به الله، ويتجنب ما نهاه سبحانه، مما يدل على صلاح وتقوى قلبه، وتفصيلا لذلك في صلاح وتقوى القلوب

قد يهمك: هل يجوز تفسير فويل للمصلين مقطوعه عن سياق الآية؟

 صلاح القلوب

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تم تصليحها، يتم تصليح الجسد بأكمله، وإذا تلفت تلف الجسد بأكمله، وهي تشير إلى القلب). توافق عليها الروايات.
  • جعل الله القلب سيدا على جميع الأعضاء والأجزاء، فإذا تم تصحيح السيد، تصلح رعيته.
  • فالقلب هو مقر الإيمان، بل ومقر الكفر أيضا، وحسب قوة الإيمان تكون التقوى.
  • فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هنا يكمن المقصود بالتقوى، هنا يكمن المقصود بالتقوى، وأشار إلى قلبه ثلاث مرات)، صحيح البخاري متفق عليه.
  • فساد القلوب يحدث بسبب الخطايا والآثام، ولا يمكن التخلص منه إلا بالتوبة والاستغفار.
    • فالاستغفار يزيل النقطة السوداء عن القلوب، والتوبة تثقلها.
    • فكلما استغفر الإنسان يتطهر قلبه ويتخلص من تلك النقطة السوداء.
    • وهو مهمل الاستغفار ويصر على الخطايا، مما يجعل هذه النقطة السوداء تنتقل إلى العقول ونعيذ بالله.

تقوى القلوب

  • جعل الله القلب سيدا وملكا على جميع الأعضاء، وجعلها كالجنود.
  • فإن صلح القائد صلحت جنوده، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    • (في جسدك مضغة، فإذا تم تصليحها تم تصليح الجسد بأكمله، وإذا تلفت تلف الجسد بأكمله، وهي القلب)، متفق عليه.
  • وموضع الإيمان والتقوى في القلب، وأيضا موضع الكفر والنفاق والشرك بالله.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التقوى هنا التقوى هنا، ويشير إلى قلبه).
  • والإيمان في الأصل هو اعتقاد ينبع من القلب ويؤكده العمل، فإذا استقر الإيمان في القلب، يتحرر اللسان وتعمل الجوارح.
  • فيؤمن القلب ويصدق، فينتج عنه أن اللسان ينطق أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله.
  • لا يتحرك اللسان إلا بثقة القلب بإيمانه، ثم يعود القلب ليستأنف عمله مرة أخرى بالحب والخوف والرجاء.
  • في هذه الحالة، يتم تحريك اللسان لذكر الله تعالى وقراءة القرآن، وتكريم الله سبحانه وتعالى، وتسبيحه وتحميده وتكبيره، وتمجيد سيده ومولاه.
  • يتحرك الجسد كله في الصلاة، والسجود، والركوع، والصيام.

تابع تقوى القلوب

  • بحيث يمتنع الأعضاء الراضية الهادئة عن تناول الطعام والشراب والشهوات وما حرمه الله عليها.
  • لا يكون ما تفعله إلا بسبب إيمان صادق وقرر في القلب، وصدقه في العمل.
  • وفعل الصالحات يثبت في القلب، وآثارها تظهر على الجسد، ولكن القلب هو محركها ومفعلها ومنشطها.
  • ما يوجد في القلب يظهر بوضوح على الجسم ويؤثر على الصحة، بل يظهر أيضا على التعبيرات الوجهية.
  • عبادة القلب هي الأهم والأكبر والأجل من عبادة الجسد
  • وفيما يتعلق بالأعمال، يكون مركزها القلب ويترتب عليها، وأعظمها هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

تابع تقوى القلوب

  • وكذلك الإيمان الكامل والاستسلام والانقياد لله ورسوله.
  • وبالإضافة إلى المشاعر الموجودة في القلب مثل الحب والخوف والرجاء والإيمان والتوكل والصبر واليقين والخشوع لله سبحانه وتعالى.
  • كل هذه الأعمال هي من أعمال القلوب، وتشير إلى صلاح القلب.
    • وفي حال حدوث شيء مخالف لما تم ذكره، فإن القلب يصبح مريضا.
    • فالإيمان هو العكس التام للكفر والإخلاص هو العكس التام للرياء، وهو مرض يضر بالقلب ويصيبه.
  • واليقين يعني أن القلب سليم، والشك يعني أن القلب قد أصيب، ويجب علينا جميعا العمل على تحسين قلوبنا وتطهيرها من الخطايا.
  • بما أنها قد تسبب هلاكنا إذا تغافلنا عنها ولم نحمل قلوبنا بالاستغفار والتوبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (إذا ارتكب العبد خطيئة، تظهر نقطة سوداء في قلبه، ولكن إذا تاب واستغفر، تثقل.).
    • ثم تنحرف وتنسى هذه النقطة السوداء وتصبح كالمجنونة، ويقول الله سبحانه وتعالى:
  • بسم الله الرحمن الرحيم: (كلا بل رانت على قلوبهم ما كانوا يكسبون).
  • وقال صلى الله عليه وسلم: تعترض الفتن القلوب تدريجيا مثل الحصيرة، فأي قلب يتعرض لها يظهر فيه نقطة سوداء.
    • وأي قلب ينكر هذه الحقيقة، فإنه يحمل في داخله نقطة سوداء، حتى يصبح لديه قلبان أبيضان كالنقاء، لا يمكن أن يتأثر بالفتنة.
    • ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود كالكور، فلا يعرف الخير ولا ينكر الشر إلا ما يشرب من هوى نفسه. رواه مسلم.

عبادة القلوب هي أهم الواجبات وأكثرها أهمية على العبد من الأعمال الجسدية

  • وأعمال القلب هي في الأساس أساس عمل الأعضاء، حيث تتفوق على أعمال الأعضاء في الواقع.
    • فهي مطلوبة للقلب قبل أن تطلب من الجسد والأعضاء، لأن أعمال الأعضاء فروع لأعمال القلوب وتكملتها.
  • إنها نتيجة لها، فعبادة الجسد والأعضاء هي نتيجة لعبادة القلب، عندما يتم توطيد الإيمان فيه.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكنه ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).
    • لأن القلب هو مقر العمل والتأمل والتفكر.
  • لذلك، يتم التفضيل بين الأشخاص وترقيتهم بناء على الإيمان واليقين والإخلاص وما يملكونه في قلوبهم.

وقال الحسن البصري: (لم يتفوق أبو بكر بالصلاة والصوم، بل تفوق بما احتضنه في قلبه من إيمان)

أعمال القلوب تعلو عن أعمال البدن والجوارح

ترتفع أعمال القلوب وتكرمها بأشكال متعددة

أولاً:

  • اختلال عبادة القلب يمكن أن يؤثر سلبا على عبادة الأعضاء الأخرى، فالرياء يدمر الإيمان، والتكبر والغرور يدمران الإيمان، والشهوات الدنيوية تدمر الأعمال الصالحة.

ثانياً:

  • إن أعمال القلب هي الأساس، فما ينبعث من الإنسان من كلام أو حركة أو سكون إلا أنشأها القلب.

ثالثاً:

  • إنها سبب الدرجات العليا في الجنة، مثل الزهد والصبر والتوكل والرجاء.
    • كل هذه أعمال تتعلق بالقلوب ويتم عنها أجر الإنسان، وهي من عبادات القلوب.

رابعاً:

  • إنها أصعب سبيلا وأشد مشقة على الإنسان من أعمال الجوارح.
  • قال محمد بن المنكدر: (كابدت نفسي 40 سنة حتى استقامت).

خامساً:

  • تؤثر بشدة على حياة المؤمن، مثل الحب في الله.
  • إذا كانت كل أعمال العبد محبة لله، سيكون لها تأثير كبير عليه.
  • إن كان يبغضه كله بغضا في الله، سيكون لذلك تأثير عليه.

سادساً:

  • عبادة التفكر، والتأمل فهي أعظم أجراً عند الله فقال أبا الدرداء:
    • (تفكر ساعة خير من قيام ليلة).

سابعاً:

  • تعوض ما فات العبد في عبادة الجوارح.
  • على سبيل المثال، إذا كان الشخص فقيرا وليس لديه المال للصدقة، ولكن لديه النية والإخلاص في قلبه للصدقة، فإنه سيكون له الأجر كما لو أعطيته الصدقة.
    • ولو لم يخرج درهماً واحداً.
  • وكذلك الصبر، فإنه من أعمال القلوب التي لها أجر عظيم لا يمكن مضاهاته، حسبما قال سبحانه
    • (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
  • لدى القلب مواضع وأحوال وشؤون قبل أن يهتم بالعمل.
  • تبدأ القلب أولا بالشعور، ثم بالتفكير، ثم بالقلق، أي أنه يهتم بفعل الشيء.
  • بالعزم ودرجات متتالية، يرتفع القلب درجة فوق درجة حتى يصل إلى العمل الصالح.

أعمال القلوب أهم من أعمال الجسد والأعضاء

  • وكذلك العمل الفاسد فقال الله سبحانه وتعالى:
    • (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ۚ والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
  • فإشاعة الفحشاء مقرها القلب وتأثمون عليها.
  • وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (إذا قتل المسلمان بسيفيهما فكل من القاتل والمقتول سيكون في النار، لأن كل منهما يرغب في قلبه بقتل أخيه).
  • حتى في التوبة وترك المعصية، مقرها القلب وتكون في سبيل الله.
  • وينبغي أيضا أن تكون التوبة في قلبه، حيث يجب ترك الأعمال التي تغضب الله خوفا منه.
  • والقلب هو مكان مناسب لهذا أيضا، فجميع أعمالنا تنبثق من القلب وتعكسها الأعضاء البشرية.
  • قد يترك الشخص العمل السيء ليس خوفا من الناس، ولكن خشية من الله، على الرغم من أنه قادر عليه.
  • أما إذا كان يفعل ذلك للمظهر فقط، فإنه لا يحصل على أجر، بل يرد عليه، وعندما جعل الله التوبة فإنه يضع شروطا لها.
  • منها شرط للجوارح، وشرطين للقلب، فالشرط الأول أن يمنع الجوارح عن إتيان المعصية.
    • الشرط الثاني هو ندم القلب على الذنوب السابقة، ويحتل هذا الندم مكانا في القلب.
    • الشرط الثالث هو أن يكون لديك العزيمة على عدم تكرار هذا الفعل مرة أخرى، ويمكن أن يحل محل هذه العزيمة أيضا القلب

شاهد أيضا: تفسير حلم قراءة آية الكرسي بصوت عالي

بعض أعمال القلوب

أولاً النية

  • من أهم وأعظم أعمال القلوب هي النية، حيث يمكن أن يجزى الإنسان على نيته ما لا يجزى على أعماله.
    • وتتمثل في الإرادة والنية، ولا يجوز العمل أو القبول إلا بها.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بحسب النيات ولكل شخص ما نوى).
  • وقال ابن المبارك:
    • (رب عمل صغير يكبره النية ورب عمل كبير يصغره النية).
  • الناس جميعهم مهلكون إلا العلماء، والعلماء جميعهم مهلكون إلا العاملون، فالعاملون جميعهم مهلكون إلا المخلصون.
  • وكل هذا يأخذ مكانه في القلب، فالعلم والعمل وكل هذه الأمور تتحقق بنية صادقة، وكذلك المكان الصادق هو القلب.
  • النفاق يحتل مكانا في القلب، فالعمل بدون نية صادقة والعمل بنية صالحة وإن كان صغيرا وفي سبيل الله فهو مقبول بإذن الله.
  • جميع الأعمال، سواء كانت معاصي أو أمورا مباحة أو طاعات، تنبثق من القلب، حيث تسبقها نية الأعمال في القلوب.
  • التوبة واجبة دائما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (كل ابن آدم يخطئ، ولكن أفضل الخطأة هم المتوبون) حسب ما رواه الترمذي.
  • وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم، وفقا لرواية مسلم.
  • يرغب الشيطان في إغواء الإنسان وجره إلى نار جهنم، فهو يبدأ معه بالشرك.
  • إذا لم يتمكن ويصاب باليأس، فسيتجه إلى الابتكار والاعتقاد وترك متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
  • إذا لم يستطع أن يفعل ذلك، فليكن بأعمال الخير الكبيرة والأعظم، وإذا لم يستطع فليتعرض لتأثير الشياطين والجن.
  • إذا كان لديك قلب سليم وتوبة مستمرة، فلن يجد الشيطان طريقا للتأثير بهذا القلب.
    • تعتبر تجديد النية بالتوبة من أهم وأخطر عبادات القلوب.
  • وهذا هو السلاح الأهم والأعظم الذي نواجه به إبليس وعدوته وذريته، لعنة الله عليهم.
  • فالمعاصي تنقسم إلى كبائر وصغائر، ويمكن تصحيحها جميعا من خلال التوبة، فهي باقية كالشمس.
    • فالتوبة تبدأ في القلب، ومن خلال التوبة نتحول من سيئاتنا إلى حسنات، وحتى لو وصلت إلى سماء العالم.
  • وكما ذكرنا، من بين الشروط الإقلاع والندم والعزم، فالإقلاع هو الفعل الوحيد الذي يتم بواسطة الأطراف.

تابع النية

  • كما ذكرنا، الندم والعزم يكونان في القلب، والصدق من أعمال القلب.
    • وهذا يعني أن تؤمن بالله في أعمالك، وهو أصل جميع أعمال القلوب.
  • وتستخدم كلمة الصدق في ستة معان: صدق القلب، وصدق الإرادة، وصدق العزم، وصدق الوفاء بالعزم.
  • وصدق العمل يعني أن يتفق ظاهر العمل مع باطنه، مثل الخشوع في الصلاة وصدق وتحقيق مقامات الدين بشكل عام.
  • إنها أعلى الدرجات وأعزها، مثل الصدق في الخوف والرجاء والتعظيم والرضا.
  • وبنفس الشكل، التوكل والحب وسائر أعمال القلوب، فمن يتميز بالصدق في جميع هذه الأعمال يهديه الله إلى الإحسان.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك أن تتمسك بالصدق، فإن الصدق يقود إلى الخير، والخير يقود إلى الجنة، ولا يزال الإنسان يصدق ويسعى للصدق حتى يكتب عنده الله كصديق.
  • فالصدق يأخذ مكانه في القلب وهو من أعمال القلوب، ومن أعمال القلوب وأشدها وأعظمها أجرا هي عبادة التفكر.
    • والتدبر هو التفكر في خلق الله، كما قال سبحانه: `أولم يروا إلى الطير فوقهم صفات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن` (سورة الملك)
    • (والذين يذكرون الله قياما وجلوسا وعلى جنوبهم، ويتأملون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).
  • فقد جعل الله سبحانه وتعالى النظر والتأمل في خلقه ومعجزاته عبادة.
    • إنها لا تحدها حدود، ليس لها بداية ولا نهاية، وهي من أعظم أعمال القلوب.

ثانياً الحب

  • ومن أعمال القلوب الحب، فمحبة الله ورسوله والمؤمنين هي من أعمال القلوب.
  • وهي التي تجعلنا نشعر بحلاوة الإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (ثلاثة من كانوا يشعرون بحلاوة الإيمان هم الذين يجدون الله ورسوله أحب إليهم من غيرهم.
    • أن يحب المرء شخصا لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه.
    • كما يكره أن يلقى في النار) متفق عليه.
  • غرس أشجار المحبة في القلب وسقيها بماء الإخلاص واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتي ثمارها.
  • وسوف أتناولها في كل وقت بإذن الله، فهي محبة لله والمحبة لا تكون إلا لله.
  • وهو أيضا بغض في سبيل الله، فالبغض لا يكون إلا في سبيل الله، والمحبة محبة لله ورسوله والمؤمنين.
  • وكذلك الصحابة والتابعين والمشايخ وعلماؤنا وأتباعهم من الصالحين.
  • وأيضا مقر حب الوالدين في القلب، والبر لهما، والإحسان إليهما، والأسرة، والبيت.
  • وحب الإخوة والأخوات والجيران، وحب العبادة لله وكذلك البغض لأعداء الله الذين يحاربون الله.
  • والذين يحبون أيضا نشر الفساد بين المؤمنين، إن كراهيتهم مستوطنة في قلوبهم، وهو أيضا في غضب الله.

ثالثاً التوكل

  • وهو أيضا من عبادات القلوب ومن أعمال القلوب التوكل.
  • يعني الثقة بالله والاعتماد عليه في تحقيق ما يتمناه العبد وتجاوز ما يكرهه، مع الثقة الكاملة في الله.
  • كما يجب عليه اتباع الأسباب المشروعة والاعتماد على الله، فالثقة هي تفويض من القلب.
  • التوكل على الله واجب على كل مسلم.

فالقلب الممتلئ بالإيمان يعتمد على الأسباب المتاحة مسبقا.

رابعاً الخشوع

  • كذلك من أعمال القلوب هو الخشوع، والخشوع هو سمة مشتركة بين العبادات.
  • وأيضا في مكانها الصحيح، فالخشوع في الصلاة يمكن أن يكون صحيحا، وإذا انتهك فإنه يفسد.
  • والخشوع يكون في الدعاء، قال الله سبحانه وتعالى: أنه لا يقبل الدعاء من قلب لاهي.
  • الخشوع في الدعاء والاستسلام لله هما من أعمال القلوب، ومن عبادات القلوب التي يجب أن تتوفر قبل العمل.

خامساً الشكر

  • وعندما يفقد البطل في العمل، يكون من واجب قلوبنا وعبادتنا شكر الله وشكر نعمته.
  • وشكر الله على نعمته، إذا تم باللسان يصدقه القلب.
  • لأنه هو الشخص الذي يحرك ويدير وينشط الأعضاء في أداء العبادات.
  • عندما يكون الشكر والحمد في القلب، تنطلق العبادات.
    • والحمد يكون لله سبحانه وتعالى.
  • فالشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح.
  • ومعنى الشكر هو استخدام النعمة في طاعة الله، وليس مجرد قول الحمد لله وحده.
    • بل ينبغي أن نستخدم ما أنعم الله به علينا في طاعته.

سادساً الصبر

  • من أعمال القلوب أيضا الصبر وهو ترك الشكوى لغير الله، وذلك في ضيق البلاء.
    • قال سبحانه وتعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
  • وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يتحمل بالصبر سيتحمله الله، وليس هناك عطاء أفضل وأوسع من الصبر) متفق عليه.
  • وقال عمر بن الخطاب: (من لم يبتل بابتلاء إلا كان لله تعالى عليه فيه أربع نعم؛ الأولى منها.
    • لم يكن ذلك في ديني، الثاني أنه ليس أكبر مما حدث، وليس أعظم مما حدث، والثالث أنني لم أرفض الرضا به.
  • أخذ الثواب في المرتبة الرابعة، فالصبر هو ترك الشكوى مع الكراهية وهي أقل المراتب.
    • وفي الوسط تتواجد الشكوى مع الرضا، ويرفع عليهم الحمد لله في البلاء.
  • ومن يفعل ذلك، فقد يكسب درجة الصبر، ومن يظلم يدعو على ظالمه لينتصر لنفسه.
  • وأيضا يعتبر الصبر حقا للقلوب وعبادة، ومكانته هي القلب، وهناك أقسام أخرى للصبر.
  • أولهما الصبر على طاعة الله، وهو واجب ومستحب. ثانيهما الصبر على معصية الله وتجنب ما نهى الله عنه وهو مستحب.
  • أيضا، التصابر على قدر الله سبحانه وتعالى هو من عبادات القلوب.

سابعاً الرجاء

  • أيضا، من عبادات القلوب هو الرجاء والنظر في سعة رحمة الله، وهو عكس اليأس.
  • فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن بين جناحي الرهبة والرجاء).
  • بالمعنى أن المؤمن يخاف الله ويخشى عقابه، وكذلك يأمل رحمته وجنته، وسخاءه.
  • فالله سبحانه وتعالى كريم، وهو الجواد الذي يعطي الكثير من الرحمة على قليل من الجهود.

ثامناً

  • ومن أعمال القلوب الخوف، وهو الخوف من غضب الله تعالى.
  • كذلك من شؤم المعصية فللمعصية شؤم.

الزهد

  • من أعمال القلوب أيضا الزهد، وهو تجنب الرغبة في شيء معين، حتى وإن كان حلالا.
  • إذا زاد الإنسان في الدنيا وأخذ منها القليل الذي يقيم به صلبه ويعينه على عبادة الله سبحانه وتعالى.
  • فهو قد استولى على الحياة بالمقدار الذي يساعده على عبادة الله، وهو من أعمال القلوب.
  • ومن الطاعات التي تنبع من القلوب، فإن الإيمان هو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما وقر في القلب وأصدقه).
  • لذلك، يكمن جوهر كل عمل صالح في القلب، إذ يكون الإيمان مترسخا في القلب، وتكون النية صادقة.
  • إذا كانت النية صادقة وبذلت لوجه الله سبحانه وتعالى، سيكون العمل مقبولا ومصلحا بإذن الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اخترنا لك أيضا: تفسير حلم قراءة آية الكرسي للعزباء

في ختام مقالنا، تحدثنا عن تفسير آية (ذلك ومن يعظم شعائر الله) من سورة الحج آية 32، وناقشنا سياق نزول هذه الآية الكريمة، وأيضا أهمية صلاح القلوب وتقواها.

بالإضافة إلى عبادة القلوب، فهي أكثر الواجبات أهمية وأكثرها فرضية على العبد من أعمال الأعضاء، وكذلك أعمال القلوب تتفوق على أعمال الجسد والأعضاء.

وأخيرا، بعض أعمال القلوب، نأمل أننا قدمنا لكم محتوى مفيدا وهادفا، ونتمنى منكم مشاركة المقال على وسائل التواصل الاجتماعي لنعم الفائدة.

تفسير ذلك ومن يكرم طقوس الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *