تتعدد الظواهر الفيزيائية التي تحدث في الطبيعة، والتي يعمل العلماء على شرحها منذ زمن بعيد، ومن بين هذه الظواهر ظاهرة التوتر السطحي، وسنتعرف على هذه الظاهرة في هذا الموضوع.
بمجرد أن نتعرف على العوامل المؤثرة في التوتر السطحي وكيفية قياسه، سنقدم بعض التطبيقات لهذه الظاهرة الفيزيائية.
التوتر السطحي
التوتر السطحي هو ظاهرة فيزيائية تحدث نتيجة للتماسك بين جزيئات المواد السائلة، وتعطيها خاصية الغشاء المتماسك.
يتأثر هذا السائل بقوة من جميع الاتجاهات، حيث تلغي جزيئاته الموجودة فيه بعضها البعض، ولكن تتأثر الجزيئات الموجودة على سطح السائل بالقوى الموجودة في الجوانب والجهة السفلية منه، مما يسبب توتر السطح نحو الأسفل ويظهر كغشاء.
بشكل محدد، جزيئات المواد السائلة المختلطة تتأثر بالقوى التماسكية أو التجاذبية المرتبطة بالجزيئات، حيث تتقوى تماسكها مع المادة.
تكون قيمة هذه القوى أقل من قيم الأجسام الصلبة، وبالتالي فإن السائل يأخذ شكل الكوب الذي يوضع فيه، ويكون من السهل على السائل القيام بذلك، وتتأثر جزيئات السائل بالالتصاق.
الشروط الواجب توافرها لحدوث التوتر السطحي
تعد العوامل المؤثرة في التوتر السطحي ما يلي:
-
نوعية السائل
تختلف نتائج ظاهرة التوتر السطحي باختلاف نوع السوائل. على سبيل المثال، يكون التوتر السطحي كبيرا في السوائل الزئبقية بالمقارنة مع السوائل المائية. وبالتالي، تتكور قطرات الزئبق بشكل أكبر من قطرات الماء، بينما تتكور قطرات الكحول بشكل أقل من الماء.
-
درجات الحرارة
تكون العلاقة بين ظاهرة التوتر السطحي ودرجات الحرارة عكسية، فعند ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، يقل التوتر السطحي للسائل.
شاهد أيضًا: ما هو علم الفيزياء وماذا يدرس؟
القيم الخاصة بالتوتر السطحي
تتباين القيم الخاصة بالتوتر السطحي بين السوائل بشكل متفاوت عند درجة حرارة محددة، فعلى سبيل المثال، تصل قمة هذه القيمة للماء إلى (20°C 72.86 ± 0.05)، ولكن قيمة التوتر السطحي للبنزين تكون ( C 28.88° 20)، بينما تكون القيمة الخاصة بالتوتر السطحي للزئبق ( C 486.5°20).
تطبيقات على ظاهرة التوتر السطحي
تتعدد التطبيقات التي تمثل ظاهرة التوتر السطحي، ومن أبرز هذه التطبيقات ما يلي:
- الحشرة تتمكن من المرور فوق سطح المياه.
- تتخذ قطرات المياه الأشكال الكروية والشبه الكروية، ويمكن تفسير ذلك بأن السوائل قادرة على الحفاظ على مستويات الطاقة المنخفضة تماما عند ضيقها لمساحات الأسطح الخارجية.
- بسبب مساحتها الأقل بالمقارنة مع الأشكال الهندسية المختلفة، يمكن للسائل الحفاظ على أدنى مستويات طاقته.
- من الممكن ملاحظة عدم تبلل السطح المصنوع من الشمع أو النايلون عند سكب الماء فوقه، وذلك بسبب الاختلاف الكبير بين قوى الجذب في السوائل وقوى التماسك بين الماء المسكوب والسطح.
- وبالتالي، تنتشر المياه فوق السطح بسبب تأثير الجاذبية الأعلى والموجودة بين الماء بشكل أكبر من تلك الموجودة على السطح.
طرق قياس التوتر السطحي
تعتبر ظاهرة التوتر السطحي ظاهرة في مجال الفيزياء، ولذلك سيتم قياسها باستخدام إحدى أساليب قياس السوائل والظواهر المرتبطة بها.
يعتمد الأمر على ما يعرف بالأنابيب الشعرية المعروفة باللغة الإنجليزية بأسم Capillary Tubes، وتعتمد على القانون التالي: ( t= 12 dgr (h +13 r)).
H تشير إلى ارتفاع السوائل في الأنابيب الشعرية، و R تشير إلى نصف قطرها، و t تشير إلى التوتر السطحي للسائل المستخدم، و D تشير إلى كثافة السائل، أما G فتشير إلى الجاذبية الأرضية.
طريقة زيادة سطح السائل
حتى نتمكن من زيادة سطح السائل، يجب بذل جهد على هذا السطح بحيث يتحرك بعض الجزيئات الموجودة فيه من الداخل إلى السطح، وسيؤثر هذا الجهد الحاصل على قوى الجذب التي تجر الجزيئات الموجودة في السطح السائل نحو الداخل، وتعرف هذه القوى بقوى التوتر السطحي.
يمكننا استنتاج أن الجزيئات العلوية في سطح السائل لديها طاقة وضعية أعلى من الجزيئات الموجودة أسفل السطح، أي أن الطاقة السطحية للجزيئات في السائل تكون أكبر بكثير من الطاقة الداخلية للجزيئات. يعرف هذا النوع من الطاقة بالطاقة السطحية.
شاهد أيضًا: قوانين الفيزياء الأساسية
العلاقة بين التوتر السطحي ودرجات الحرارة
التوتر السطحي يتأثر بتغيرات درجات الحرارة، حيث يقل التوتر السطحي عند ارتفاع درجات الحرارة. يحدث ذلك بسبب ضعف قوى الجذب بين جزيئات السائل المختلفة مع تأثير درجة الحرارة المرتفعة.
التوتر السطحي في حياتنا اليومية
ستتمكن من فهم مفهوم التوتر السطحي عن طريق معرفة مكانه وأمثلته في حياتنا اليومية، ومن أهم مظاهر ظاهرة التوتر السطحي ما يلي:
- تساهم ظاهرة التوتر السطحي في فهم تشكل قطرات المياه السائلة على شكل كروي.
- التوتر السطحي يؤدي إلى انفصال المياه عن الأسطح المصنوعة من النايلون أو الشمع.
- يتم استخدام التوتر السطحي في صناعة ما يعرف بالمظلات والمعاطف المقاومة للمطر والثلج.
- ظاهرة التوتر السطحي تفسر ظواهر عديدة، بما في ذلك ظاهرة تشكل الفقاقيع المكونة من الماء والصابون.
- تعمل ظاهرة التوتر السطحي على تنظيف الملابس من البقع وإزالتها وتمحيصها جيدا، وذلك بسبب تقليل الصابون لهذه الظاهرة في الماء.
- تسمح قوة تماسك الجزيئات بتشكيل السوائل على سطح الأوعية بشكل محدب أو مقعر، حسب الوعاء الذي يحتوي عليها.
شاهد أيضًا: قوانين الفيزياء بالرموز
التوتر السطحي ومثلث برمودا
هناك كميات هائلة جدا من ثلج هيدرات الميثان الموجودة في أعماق المحيطات والتي تكونت على مر الآف السنين السابقة نتيجة لتحلل المواد العضوية والتغيرات المناخية الحديثة المرتبطة بالاحتباس الحراري.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة في قعر هذه المحيطات والبحار، مما أدى إلى ذوبان الثلوج وإطلاق غاز الميثان على شكل فقاعات تندفع نحو سطح الماء.
وتزداد الأجسام في الهواء عندما نفتح المشروبات الغازية في درجات حرارة عالية، مما يشير إلى عدم قدرة الهواء على حمل وسائل النقل الجوي في هذه المنطقة العليا.
بسبب وجود فقاعات كثيفة من غاز الميثان، تنخفض قدرة المياه على تحمل السفن والمراكب في مثلث برمودا، وتتحول المياه إلى رغاوي بسرعة مما يؤدي إلى غرقها بشكل سريع وغير متوقع.
أظهرت العديد من الدراسات التي أجرتها مراكز جيولوجية أمريكية وجود العديد من المناطق في البحار حول العالم تحتوي على مخازن لغاز هيدرات الميثان تحت الماء.
أشار مجموعة من الخبراء بجامعة القطب الشمالي في النرويج إلى وجود العديد من الحفر في قاع البحار ناتجة عن وقوع بعض الانفجارات الكبيرة لكرات الفقاقيع من هذا الغاز، والتي تم تخزينها على مر السنين المتراكمة السابقة في البحر.
تم التوضيح أن قطر الحفرة التي اكتشفت يصل إلى 500 متر، وعمقها يقارب 45 مترا، وأشاروا إلى أن انبعاث الميثان من هذه الحفرة يؤدي إلى تغيير درجة حرارة مياه المحيط بعد اختلاطها بالغاز.
في نهاية المقال وبعدما تعرفنا على ظاهرة التوتر السطحي والعوامل التي تؤثر فيه وشروط حدوثه، بالإضافة إلى القيم المميزة له وتطبيقاته المختلفة.
وتعرفنا على استخداماته في الحياة اليومية، وطرق قياسه، وعلاقته بمثلث برمودا وما يحدث فيه، فالرجاء مشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.
