الاختلاف بين العدل والمساواة والإنصاف

قد يعتقد البعض أن العدل والمساواة والإنصاف لهما نفس المعنى في المصطلح واللغة، ولكن لكل منهما مقصد ومعنى مختلف عن الآخر. وبالإضافة إلى ذلك، يتمتع كل منهما بفوائد مختلفة. في هذا المقال، سنتعرف على الاختلافات بين العدل والمساواة والإنصاف، وعلى الفوائد التي يوفرها كل منهما.

العدل والمساواة والإنصاف

لفهم الفرق بين العدل والمساواة والإنصاف، يجب أن نعرف تعريف كل منهما بشكل جيد

شاهد أيضًا: أين تقع محكمة العدل الدولية الأوروبية؟

  • ما هو العدل

العدل لغويا هو العكس التام للظلم أو ما يعرف بالجور، وفي الحكم يتم مكافأة الإنسان على كل فعل حسن بمثله، وعلى كل فعل سيئ بمثيله، وهو المساواة بين الشيئين أيضا.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعريف العدل بأنه استقامة الأمور في الذات والنية، وفي المفهوم القانوني، يعني العدل أن يلتزم الفرد بواجباته ويحققها.

ويعتبر العدل أن يلتزم الشخص بسبل الحق من خلال الابتعاد عما حظره الدين، وفقا للمفهوم المتعارف عليه، فالعدل يتطلب استخدام الأمور في موضعها وزمانها المناسب بدون تأخير أو سابقة، ويجب استخدامها بمقدارها المناسب دون الوقوع في التبذير أو القصور.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مفهوم العدل يعبر عن توزيع المواقف بالتساوي والعدل، وعدم التحيز لصالح شخص على حساب آخر، أو تعريضه لأشكال مختلفة من الظلم، أو المعاملة العنصرية.

ويتم ذلك من خلال وضع قوانين خاصة بالشؤون الاجتماعية والسياسية والجنائية، التي تهدف إلى تحقيق العدالة لجميع الأفراد في الوطن، بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم، وتشمل قضايا الصحة والتعليم والعمل.

تظهر أهمية التشريعات القانونية التي تم اعتمادها لتحقيق المساواة في حقوق الأفراد في المجتمع، وتشمل هذه الحقوق الحماية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وقد عرف العالم عبد الله بن أحمد النسفي العدل بأنه المساواة في الحق بين الكائنات، والحصول على حقوق كل فرد، كما قال العالم علاء الدين الخازن عن العدل أنه يتساوى الجميع في الجزاء (المكافآت)، فإذا كان العمل جيدا فالجزاء جيدا، وإذا كان العمل سيئا فالجزاء سيئا.

وقد قال البيضاوي، مستوحيا من القرآن الكريم، (إن الله يأمر بالعدل)، وهنا يشير إلى التوازن في العقيدة مثل التوحيد الذي يجب أن يكون وسيطا بين التعطيل والتشريك، والمكاسب المعتدلة بين الجبر والقدر، والتوازن في العمل بين الترهب والبطالة، والاعتدال في السلوك بين البخل والتبذير.

في فلسفة أفلاطون وفلاسفة آخرين، يعتبر العدل أن يكون الشخص مقتصرا على شؤونه الشخصية وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

ومع ذلك، في السياق الشرعي، يكون العدل هو وضع الأمور في مكانها المناسبة وفقا لما يرضي الله عز وجل، ويمكن القول إن العدل هو تحقيق توازن بين كل طرف بمعاملة الطرف الآخر بالمساواة، لتكون المعاملة متساوية للجميع، من خلال إعطاء كل شخص حقوقه بلا بخل أو ظلم.

  • ما هي المساواة

المُساواة لغويًا هي مصدرًا لفعل ساوى، وعندما نقول: يعامل الشخصان على قدم المساواة؛ أي نعاملهما بشكل متعادل أو متماثل مع بعضهما البعض.

وعندما نقول: ساوى أخاه يعني أنهما متساويين أو متماثلين، وعندما نقول `ساوى بين الأفراد` نعني أنه عادل بينهم، والمساواة هي ركن العدل، فلا يجعل فردا أفضل من الآخر.

ويمكننا أيضا أن نقول أن المساواة لغويا تم اشتقاقها من كلمة `سواء`، وتعني التماثل أو التعادل في قيمة الأشياء وتوزيعها، فعندما نقول أن قيمة هذا الشيء تساوي 2 جنيه، فإننا نعني أنه متساو في قيمته.

ذكر عن الإمام الشافعي أنه قال (هذا لا يعادل ذاك)، أي أن هذا الشيء لا يعتبر مماثلا للآخر، وفي الاصطلاح، المساواة تعني أن يتم منح الفرد حقوقا تمنح للآخرين.

يتحمل أيضا المسؤوليات التي يتحملها الآخرون من واجبات دون زيادتها أو نقصانها، وهي من القيم العظيمة التي تجعل الجميع متساويين.

تنوعت الآراء حول مفهوم المساواة بشكل واضح، فهناك من يرونها كمساواة تامة تحذف كل الاختلافات بين الأفراد، بغض النظر عن دياناتهم أو أصولهم، وقد أطلق على هذا النهج `المساواة المطلقة`.

ومع ذلك، يتم تعريف المساواة من جانب آخر كونها تكون تشابها تاما بين الأشياء، مع استثناء المواقف التي أمرنا الله وشريعته بالتساوي فيها، ويطلق على هذا النوع اسم المساواة العادلة.

وهي التي تجمع الأفراد المتساويين وتفرق بين الأفراد غير المتساويين، وهذا يمكن توضيحه من خلال مساواة الرجل والمرأة، فجمع الأفراد المتساويين يكون بواسطة مساواة الرجل والمرأة في الجزاء، وفي الالتزامات الشرعية والمزايا البشرية بأنواعها المختلفة.

ومع ذلك، يتم التمييز بين اثنين منفصلين من خلال اختلافات الرجل والسيدة فيما يتعلق بالصفات الجسدية والنفسية، ويجدر بالذكر أن الجانب الأول، الذي يميل نحو المساواة المطلقة، يتداخل مع العبث.

يقوم هذا بتجميع المتشابهين والمتناقضين بشكل عادل، وتلاعب بذلك من خلال معادلة تجمع بين نقيض وآخر، وهذا يشكل انحرافا عن العدالة والنزاهة.

  • ما هو الإنصاف

العدالة هي المبدأ الذي شرحه أرسطو والذي يصور العدل بشكل عام من خلال المساواة التي توفرها قاعدة القانون.

ومع ذلك، لاحظ أنه من الصعب تطبيق المعايير القانونية في بعض الحالات التي يعتبرها معقدة، مما دفعه إلى استنباط فكرة المعايير القانونية.

وهي حالات قد يتسبب تطبيق قاعدة القانون عليها في حدوث نتيجة تتميز بالظلم وعدم العدالة، وهذا ما يعرف بالإنصاف أو العدالة.

شاهد أيضًا: قيمة العدل في الإسلام والقانون الدولي

فوائد العدل

تتعدد فوائد العدل، ومن أهمها ما يلي:

  • إذا تحقق العدل يحب الله عباده، ومن ثم يحب عباده بعضهم البعض.
  • ينتج عن العدل شعور الشخص بالأمان في الدنيا والآخرة.
  • إذا حكم الحاكم أو الملك بالعدل، فسيستمر حكمه أو ملكه بسهولة.
  • من يعمل على تحقيق العدل وتطبيقه هو الأكثر تأثيرا وسلطة والأعلى في المناصب.
  • يعامل الإنسان بعدله تماما كما يعامل بأعماله الصالحة.
  • بالعدل تتحقق السلامة وتبتعد شرور الظلم.

فوائد المساواة

تتعدد فوائد المساواة التي حددها الدين الإسلامي ومن أهمها ما يلي:

  • التخلص من أي فتنة طائفية عن طريق إعطاء أهل الذمة حقوقهم في المواطنة وتمتعهم بها بالكامل كما يفعل المسلمون.
  • التخلص من الشعور بالغرور لدى الأفراد الذين يعتقدون أنهم متميزون عن الآخرين.
  • التغلب على الإرهاق والعزم الضعيف لدى الأفراد الذين يشعرون بأنفسهم دون الآخرين.
  • أن يشعر الناس بالاطمئنان بوجود العدل في الحكم، وأن أصحاب الشؤون السياسية لا يقومون بالتمييز بين الأفراد بسبب العرق أو الجنس أو أي فروق أخرى، بل يتمتع الجميع بالعدل.
  • تساوي الرجل والمرأة في الحقوق الدينية، مثل العبادة، وفي العقوبة، وهذا ما يطمئن المرأة ويجعلها تشعر بقيمتها وأنها ليست ضعيفة في مجتمعها.
  • تحقيق الأمن والسلام في المجتمعات واستقرارها، وراحة الناس فيها يعود إلى شعورهم بالعدل واستحقاقهم لكافة حقوقهم بنفس القدر ودون تمييز.

شاهد أيضًا: العدل والمساواة بين الرجل والمرأة

في نهاية الموضوع بعد أن تعرفنا على معنى العدل والإنصاف، ومفهوم المساواة، واستفدنا من فوائد العدل والإنصاف والمساواة، ندعوكم لمشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

الاختلاف بين العدل والمساواة والإنصاف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *