من هو كاتب كتاب البيان والتبيين؟ هذا سؤال يثير فضول العديد من الناس، وذلك لأن الكتاب يحتوي على مفردات وخطابات تدل على أن مؤلفه هو عالم جليل بمعرفته الواسعة ولباقته العالية. إنه كتاب شامل وموسوعي للغاية، ويتعرف عليه المزيد من خلال مقالنا.
من هو مؤلف كتاب البيان والتبيين؟
- سنتعرف على هوية مؤلف كتاب البيان والتبيين ونستعرض محتوياته، وذلك لأهميته الكبيرة في مجال الأدب. المؤلف المذكور هو أبو عثمان عمرو بن حجر بن محبوب بن فزارة بن الليثي الكناني البصري، وقد أطلق عليه لقب الجاحظ بسبب قوة تجلد عينيه.
- كان واحدا من كبار الأدباء والعلماء والمؤرخين في العصر العباسي، وهو من أصل عربي ولد في البصرة عام ٧٧٥. عاش لمدة ٩٢ عاما وتوفي في البصرة عام ٨٦٨. كان خبيرا في علم الأحياء وعلم الحيوان، وكان أديبا وشاعرا.
- من بين أهم كتب الجاحظ، كتاب البيان والتبيين، وكتاب البخلاء، وكتاب الحيوان، والرسائل، والمحاسن، وغيرها الكثير. فقد كتب الجاحظ في مختلف المجالات من الأدب والصناعة وعلم الحيوان والنبات والتاريخ والسياسة.
شاهد أيضًا: بحث لغتي بعض العلماء الكبار وبعض كتاباتهم
مولده ونشأته
- كان العلماء دائما يسألون عن مؤلف كتاب البيان والتبين ونشأته، كيف نشأ العالم الجليل والأديب العظيم، وفي قصة نشوء الجاحظ هناك رحلة صعود ومقاومة يجب على جميع الأجيال التعرف عليها لتكون لهم دعما في مواجهة الظروف.
- فالجاحظ نشأ في فقر بمدينة البصرة، وكان يعمل في بيع السمك ليوفر قوت يومه وكان يبيع الخبز في بعض الأوقات، وكانت روح الجاحظ تميل إلى الفكاهة، وتجلى ذلك في كتاباته، وبدأ التعلم في سن مبكرة حيث تعلم القرآن وأحكامه من شيوخه في سن مبكرة.
- جعل الفقر الجاحظ يكافح من أجل حلمه، فلو كان من السهل أن يستسلم، لكنه بقي قويا. ولد الجاحظ في عصر الخليفة المهدي وعاصر ١٢ خليفة من خلفاء الدولة العباسية، وتوفي في عهد المهتدي بالله.
- شهد ذلك العصر تقدما كبيرا في المجال الثقافي والعلمي والأدبي، وكان لديه معرفة واسعة بالثقافة الهندية وثقافة اليونان وفارس، وكان يقرأ أعمال علماء تلك الثقافات بعد ترجمتها، وكان يلتقي بهم ويناقشهم مثل سلمويه وبن إسحاق.
- عندما ذهب إلى بغداد، بدأ يبرز بشكل كبير وأصبح رئيس ديوان الرسائل للخليفة، كما كان يدرس للطلاب، ويقال إنه كان ملما باللغة الفارسية حيث وجد بعض المقاطع المكتوبة باللغة الفارسية.
- على الرغم من عدم تشجيع أم الجاحظ له على القراءة، إلا أنه كان مولعا بالقراءة. لم يكتف بقراءة كتابين في اليوم فحسب، بل كان يذهب إلى محلات الوراقين ويقرأ فيها. الجاحظ كان يتذكر كل ما قرأه.
- كان الجاحظ دائما يتحدث في كتبه عن أهمية الكتب والقراءة، وكان ينصح الآخرين بعدم الاكتفاء بالعلم المستمد من الكتب، وإنما يجب أن نتعلم ونستوعب العلم من العلماء. فقد اكتسب علمه من عدة علماء، ولم ينكر فضل أي منهم عليه يوما.
- اكتسب الجاحظ العديد من المعلومات والثقافة من خلال حضوره دائما لدروس العلم، وحضوره لدروس النحو واللغة والأدب بمشاركة العديد من العلماء، حتى أصبح أحد أساتذة اللغة العربية.
- تميز الجاحظ بتوسع فكره ومجالات اختصاصه، وهذا يعود إلى حضوره لعدد كبير من جلسات العلم، وهو ما يميزه عن علماء عصره، فقد تجاوزت كتاباته مستوى الكتاب الأجانب، ولذلك كان الجاحظ واحدا من أفضل كتاب عصره.
أساتذة الجاحظ
- كان الجاحظ لا يترك مجلسا علميا إلا وكان يحضره، ومعظم العلماء الذين اكتسبوا العلم منه كانوا من البصرة، ففي مجال اللغة والأدب والشعر تعلم على يد أبي عبيدة معمر والأصمعي، وأبو زيد بن أوس الأنصاري، ومحمد بن زياد الأعرابي، وخلف الأحمر، والشيباني والأخفش، وعلي بن محمد المدائني.
- في علوم الشريعة مثل الحديث والفقه، تم تعلمها على يد عدة أشخاص، بما في ذلك أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، وبن عبدويه، ويزيد بن هارون، والحجاج بن محمد بن سلمة، وبشر بن المعتمر الهلالي، الذي تعلم منه وهو في بغداد.
- في مجال علم الكلام وعلم الاعتزال، تعلمت من الهذيل بن علاف والنظام ومويس بن عمران وضرار بن عمر الكندي وثمامة بن أشرس.
المنهج الذي اتبعه الجاحظ
- اتبع الجاحظ أسلوب فريد فكان يتميز بقوة معانيه ووضوحها وسهولة فهمها، وكان يروي موضوع بحثه بطريقة مشوقة تستقطب القارئ، وكانت شخصية الجاحظ البهجة تظهر في كتبه.
- كان الجاحظ يبدأ بالشك ويتجه نحو النقد، وكان يستخدم التعميم والشمولية في طريقة عرضه المنمقة والدقيقة، وكان يتبع أسلوب الاستقراء حيث ينتقل من موضوع أساسي إلى موضوع آخر ثم يعود بسلاسة إلى الموضوع الأساسي.
- كان أسلوبه مميزا من خلال إبداعه، حيث كان لديه القدرة على نقل المعلومة بكل تفاصيلها، فتجعلك تعيش معه ما يكتب ولا تستطيع أن تحرك عينيك حتى ينتهي.
- كان مميزا بتنوعه، حيث كتب في مختلف المجالات بما في ذلك جوانب الحياة المختلفة مثل طبائع الناس والحياة الاجتماعية، وأيضا كتب في مجالات الطب والكيمياء، وكان شاعرا وناقدا في الشعر، وكتب عن التيارات الإسلامية.
- كان يستخدم الأسلوب الساخر في كتاباته، حيث يضفي السخرية على الجدية، وكان أول من يستخدم هذا الأسلوب في الكتابة، وتتميز كتاباته بخياله الواسع الذي يجعلها ممتعة ومشوقة، فهو مثل بحر من بحور العلم.
شاهد أيضًا: مؤلف كتاب تهافت الفلاسفة؟
وفاته ومؤلفاته
- توفي الجاحظ أثناء قراءته، سقط عليه كتاب تسبب في وفاته، وترك العديد من المؤلفات قبل وفاته في البصرة.
- كتب الجاحظ ما يقرب من ٣٦٠ كتابا في مجالات مختلفة، وكان كتاب علم الحيوان هو الأكثر شهرة ويتألف من ٨ أجزاء، وبعده يأتي كتاب البيان والتبيين الذي يتألف من أربعة أجزاء.
كتاب البيان والتبيين
- عندما نتعرف على مؤلف كتاب البيان والتبيين، سنتعرف على الكتاب وأهميته، فهو واحد من أهم كتب الجاحظ، ويأتي بحجم يأتي بعده كتاب الحيوان، ويحتوي الكتاب على معلومات أدبية ويتناولها.
- كان الجاحظ يدرج الفلسفة في كتاباته، حيث لم يتطرق في كتابه البيان إلى المواضيع الأدبية فحسب، مثل الحديث والشعر والخطب، بل ذكر قواعد فلسفة اللغة وعلم البلاغة والبيان.
- البيان يعني إظهار طبيعة الشيء، والتبيين هو توضيح الشيء. كان الجاحظ متميزا في كتاباته بسبب قدرته على الارتجال، حيث اعتمد على ما تلقاه من العلماء وما اكتشفه خلال بحثه عن المعرفة والعلم.
- كان كتاب البيان والتبيين يهدف إلى تعليم قواعد البلاغة والثقافة للأفراد، وكان يهدف أيضا إلى إمتاع الناس بالمعرفة، فذكر في نصوصه بعض الأمور النادرة التي تفيد القراء وتجعلهم لا يشعرون بالملل.
- وفقا لما ذكره الجاحظ في كتابه، يرتبط البيان بالعقل، ولذلك كان كتاب البيان والتبيين يعمل كتقويم وتعديل للفكر والعقل، حيث يساعدهما على التأمل والتفكير السليم، ويعمل أيضا على تحسين لغة الإنسان حتى يتحدث بشكل مفيد وراق فقط.
أقوال بعض القدماء في كتاب التبيين
- عندما يتحدث أبو الهلال الحسن بن عبد الله عن البلاغة، يقول إن أكبر كتاب في هذا المجال هو كتاب البيان والتبيين، فهو يحتوي على الكثير من المعلومات الهامة والفقرات والخطب الرائعة التي تبرز موهبة كاتب عالم متميز بالفصاحة والنعومة في التعبير.
- نقل ابن خلدون عن بعض العلماء القدامى أنه كان يذكر كتاب البيان والتبيين للجاحظ ضمن أفضل الكتب الرئيسية لتعلم البلاغة.
شاهد أيضًا: مؤلف كتاب البخلاء في الأدب العربي
من خلال المقال، تعرفنا على مؤلف كتاب `البيان والتبيين` وأهميته في فن البلاغة، واكتشفنا معنى اسم الكتاب، وذكرنا الصعوبات التي واجهها الجاحظ، ولكنه لم يستسلم وأصبح بحرا من بحور العلم، وكان واحدا من أعظم علماء عصره.
