أسباب هجرة النبوة

أسباب هجرة النبوة، لم تكن بداية الدعوة مرفوشة بالزهور؛ بل كانت هناك مشقة كبيرة تواجه النبي وأزواجه وأصحابه، حيث واجهوا مقاومة شديدة وعداءا قويا من أهل قريش في مكة المكرمة. قد أبلغ سيدنا محمد منذ أول يوم نزل عليه الوحي أنه سيترك منزله ووطنه ويهاجر، فإن الهجرة هي قدرة متعلقة بالأنبياء. سنتحدث في هذا المقال عن أسباب هجرة النبوة، فترقبوا.

حديث ورقة بن نوفل

ورقة بن نوفل كان من الأحبار وهو ابن عم السيدة خديجة، حيث اتسم بالفهم العميق لعلم اللاهوت والدين المسيحي. وبعد أن نزل الوحي على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ذهب هو والسيدة خديجة رضي الله عنها لزيارة ورقة بن نوفل واستماع ما حدث في غار حراء. وقد قال ورقة للنبي الكريم:

أودت الله تلك الناموسة التي أعطاها لموسى، ليتني كنت جزءا منها، لأكون حيا عندما يخرجك شعبك، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل يخرجني شعبي؟، فأجاب: نعم، لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عاد في النهاية، وإذا تحقق لي يومك سأساعدك بنصر قوي، ثم لم يظهر حتى تفنى الورقة.

وذكر ذلك في مسند أحمد (53/43)، كما ذكر في صحيح البخاري (7/1).

وفي ذلك الوقت، أدرك النبي أن الطريق صعب ومليء بالمخاطر لنشر الدعوة السماوية ولتوجيه البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

شاهد أيضًا: موضوع تعبير عن الهجرة النبوية الشريفة بالعناصر

أسباب الهجرة النبوية

أولًا رفض الدعوة من قوم قريش

كانت ثقافة قوم قرش الدينية تعترف بالتعددية في الآلهة، حيث انتشرت عبادة العديد من الآلهة مثل اللات والعزى ومناة وعشتار والمسيح والله الواحد الأحد كجزء من الآلهة التي كانوا يعبدونها.

وسعى النبي الكريم لإرشاد قومه ليتركوا عبادة الأوثان التي كانت تقربهم من إرضاء الآلهة، وليدخلوا في دين الله الحق الذي لا يعبد فيه إلا الله الواحد الأحد.

ومع ذلك، لقت الفكرة رفضا شديدا من قبل أهل قريش، وربما سبب ذلك كان في موسم الحج خلال تلك الفترة حيث يأتي العديد من أتباع الديانات والمذاهب إلى مكة لأداء مناسك الحج الخاصة بهم. رأى كبار قريش أن ذلك سيؤثر سلبا على موسم الحج والتجارة المصاحبة له.

حاول النبي عليه الصلاة والسلام بجهود كبيرة إقناع أهل مكة بدخول دين الله، ولكن قلة قليلة فقط منهم اعتنقت الإسلام، وفي هذا الوقت علم النبي أنه يجب عليه الانتقال من مكة إلى المدينة ليتمكن من نشر الدعوة من موقع آخر.

ثم ترحيب أهل المدينة بقدوم النبي ودعوته

النبي الكريم التقى خلال فترة الحج في مكة ستة أشخاص من يثرب (المدينة المنورة)، وكانوا ينتمون لجماعة الخزرج، وكان الله قد هداهم إلى الإسلام، فقاموا بإعطاء البيعة للإسلام وبدأوا بنشر الدعوة في المدينة على نطاق واسع.

وفي السنة التالية لهذه البيعة حضر اثنا عشر رجلا من الأوس والخزرج معا إلى مكة وأدوا البيعة للنبي عند العقبة بيعة النساء.

أرسل النبي أحد الأصحاب، الذي كان معهم ابن أم مكتوم، ليدعو الناس في المدينة وينشر الدعوة.

وكانت المدينة المنورة مستعدة لاستقبال النبي والرسالة بدلا من مكة، حيث عاد النبي وأصحابه واجهة أعداء أشد في مكة، وسنتعرف على ذلك في الفقرات التالية.

شاهد أيضًا: بحث عن الهجرة النبوية الشريفة من مكة الى المدينة

ثالثًا عداء أهل مكة للنبي والرسالة

لقد تعرض النبي الكريم وأصحابه لأشد أنواع العذاب والمضايقات من أهل مكة، حيث كانوا يسعون لإخماد نور الدعوة والقضاء عليها وعلى أتباعها.

تكاثرت الاتهامات ضد النبي، حيث اتهم بأنه شاعر ومجنون، وبعضهم قال إنه يستلهم من أساطير السابقين، وكانت أول مواجهة بين النبي وقريش تكون فيها إعلانه للرسالة صدمة للجميع.

في هذه الحالة، جمع النبي عليه الصلاة والسلام كبار أهل مكة وسألهم: إذا قلت لكم أن هناك خيولا في الوادي تخطط للهجوم عليكم، هل ستصدقونني؟” فأجابوا: نعم، لأننا جربنا صدقك من قبل. فقال النبي: “أنا نذير لكم بعذاب شديد قادم”. فعبر أبو لهب عن استيائه وقال: “تبا لك! هل لهذا جمعتنا؟” ثم نزلت الآية: `تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب` (المسد: 1-2).

وحدثت عداوة شديدة بين النبي وأهل مكة، وكثرت المضايقات. وقع العديد من المواقف، بمن فيها ما ذكره عروة بن الزبير، حيث قال: سألت ابن عمرو بن العاص عن أشد شيء فعله المشركون بالنبي – صلى الله عليه وسلم -، فأجاب: وقع واقعة عندما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي في حجر الكعبة، حيث تقدم عقبة بن أبي معيط ووضع ثوبه حول عنقه وخنقه بشدة. وفي هذا الوقت، تدخل أبو بكر وأمسك بمنكبه ودفعه عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وقال: `أتقتلون رجلا لأنه يقول ربي الله`، وهذا ما ذكر في سورة غافر الآية 28. وتم ذكر هذا الحادث في صحيح البخاري (46/5).

كما أخرج البخاري ومسلم وغيرهما أيضًا من حديث عمرو بن ميمون: أفاد عبد الله بن مسعود بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي بالقرب من البيت، وكان أبو جهل وأصحابه يجلسون. وفي هذا الوقت، سأل بعضهم الآخر: من منكم سيحضر كدح بن فلان ويضعه على ظهر محمد عندما يسجد؟ وتطلع أشد الناس بؤسا وأتى به. ثم نظر حتى سجد النبي – صلى الله عليه وسلم – ووضعه على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر ولا أستطيع أن أمنع شيئا لو كان لدي قوة. ثم بدأوا يضحكون ويتراقصون، وفي هذه الأثناء كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسجد ولا يرفع رأسه، حتى جاءت فاطمة وأخذت الكدح من ظهره. ثم رفع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأسه وقال: (اللهم، انتقم من قريش) ثلاث مرات، فكان ذلك مؤلما عليهم عندما دعا عليهم. وكانوا يعتقدون أن الدعاء في تلك المدينة مستجابا. ثم أذكر أسماء الأشخاص الذين دعا عليهم: (اللهم، انتقم من أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط). وعد السابع ولكنه لم يتذكره. ثم قال: والذي نفسي بيده، لقد رأيت الأشخاص الذين دعا عليهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حالة تشويش وهم يتمايلون في واد قريب من وادي بدر. وقد تم تسجيل هذا في صحيح البخاري (1/57) وفي صحيح مسلم (رقم 1794).

ولم ينته الإيذاء بالنبي، بل تعرضت صحبته أيضا للألم، وكانت عائلة ياسر واحدة من العائلات الكثيرة التي تعرضت للظلم والإيذاء. تعرضوا أيضا للمضايقات العديدة والتعذيب من قبل بلال مؤذن الرسول. ويذكر في التاريخ الإسلامي أن سمية أم عمار كانت أول شهيدة في سبيل الله توفت بسبب التعذيب.

كل الأنبياء كُتبت عليهم الهجرة

يتطلب نشر الدعوة بشكل واسع التنقل والتحرك من مكان لآخر، ونجد أن الله أمر جميع الأنبياء بالهجرة. ومن الأمثلة التي لا تحصى سنجد في قصص الأنبياء أنهم قاموا بالهجرة من أوطانهم إلى أماكن أخرى مثل سيدنا نوح، لوط، وموسى، وغيرهم عليهم جميعا السلام.

شاهد أيضًا: الدروس المستفادة من الهجرة النبوية

وفي الختام، يتضح لنا أن أسباب الهجرة النبوية كانت بأمر من الله ولعدة أسباب اجتماعية وسياسية أدت إلى تأسيس الدولة الإسلامية ودعم الدين الحق، ونأمل أننا قد نجحنا في تقديم نظرة شاملة لجميع أسباب الهجرة ال”(2166)” “وفي الختام، يتضح لنا أن أسباب الهجرة النبوية كانت بأمر من الله ولعدة أسباب اجتماعية وسياسية أدت إلى تأسيس الدولة الإسلامية ودعم الدين الحق، ونأمل أننا قد نجحنا في تقديم نظرة شاملة لجميع أسباب الهجرة النبوية الشريفة، ونتطلع إلى مشاركة المقال مع الأصدقاء وعبر وسائل التواصل الاجتماعي لنعم الفائدة للجميع.