فيما يتعلق بالصلاة، والتي هي عماد الدين وأحد أركان الإسلام الخمسة الأساسية، ينبغي على كل مسلم أن يكون على دراية بالقواعد الشرعية المتعلقة بها. ومن بين الأسئلة الشائعة حول أحكام الصلاة هو ما إذا كان يجوز مسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة.
حكم الدعاء في الصلاة
- الدعاء هو أن تطلب اللجوء إلى الله، وهو من أعظم الأعمال التي تقرب الإنسان إلى الخالق العزيز الجليل. ومن خلاله يعلن العبد احتياجه وضعفه إلى الله، ويعترف بقوته وعظمته، سبحانه وتعالى.
- ثبت في سنن أبو داود ورواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله `الدعاء هو العبادة`، ومن ثم تليت هذه العبارة بقوله تعالى `وقال ربكم ادعوني أستجب لكم`، ويعتبر ذلك دليلا على أهمية الدعاء وأنه هو العبادة بحد ذاتها، كما صرح النبي وحثنا على الدعاء إلى الله.
- الصلاة من اسمها هي ربطة العبد بربه واتفق العلماء على أنه يجوز للمسلم أن يدعو في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة.
شاهد أيضًا: الدعاء الصحيح عند التشهد الأخير في الصلاة
مواضع الدعاء في الصلاة
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو الله في الصلاة، وبناء على ذلك يجب على المسلم أن يدعو الله في مواضع الدعاء في الصلاة وتلك المواضع هي كالتالي:
عند السجود.
بين السجدتين.
بعد التشهد الأخير وقبل التسليم.
- هذه هي المواضع التي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو الله فيها وبها، وهي مدعومة بالأدلة التي تثبت ذلك.
- روى مسلم في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم `أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقد يستجاب لكم`، وفيه إثبات مشروعية الدعاء في السجود في الصلاة وفي غيرها أيضا.
- أيضا ذكر في سنن الترمذي وابن ماجه وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله بين السجدتين ويقول: `اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واحمني وارزقني وعافني`، وهذا يشير إلى أنه يجوز للمسلم أن يدعو الله بين السجدتين في الصلاة.
- في الصحيحين، تم نقل ما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه عندما علم ابن مسعود كيفية التشهد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `ثم اختر ما شئت بعد ذلك من الدعاء`، وهذا يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله بالدعاء في الصلاة بعد قول التشهد وقبل التسليم.
- يحق للمسلم أن يدعو الله بأي شيء يشاء، سواء كان ذلك للأمور الدنيوية أو الأمور الآخرة، شريطة أن لا يكون الدعاء يحتوي على أثم أو معصية أو يطلب قطيعة رحم. ويفضل، حسب اجماع العلماء، زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم رفع اليدين في الدعاء
- يتفق العلماء على أن رفع اليدين في الدعاء سنة مستحبة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
- روى سلمان الفارسي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إن الله حي كريم، وإذا رفع الرجل يديه إليه، يستحي أن يردهما خائبتين”.
- وهذا يشير إلى جواز رفع الأيدي في الدعاء، وأنه يتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم
حكم رفع اليدين في الدعاء في الصلاة
- يجوز للمسلم أن يدعو في الصلاة في المواضع المحددة، وهي أثناء السجود وبين السجدتين وبعد التشهد الأخير قبل التسليم، ويجوز له أيضا أن يدعو بأي شيء يشاء شريطة ألا يكون الدعاء يحمل قطيعة رحم أو إثما.
- يجوز للمسلم رفع يديه في الدعاء بعد الوقوف من الركوع، عند الدعاء خلف الإمام في الصلاة.
- اعتقد معظم العلماء أنه غير مشروع رفع اليدين أثناء الدعاء في فرائض الصلاة، ما لم يكن الدعاء خلف الإمام بعد الانتهاء من الركوع.
حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة
- قال الشيخ عبد العزيز بن باز إنه لم يتبين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في الدعاء بعد الصلاة إلا في صلاة الاستسقاء.
- وبناء على ذلك، ليس من السنة المستحبة رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة، بل يجب ذكر الله والدعاء بأذكار ما بعد الصلاة.
شاهد أيضًا: جدول سنن الصلاة المؤكدة مكتوبة
حكم مسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة
- رفع اليدين في الدعاء من آداب الدعاء إلى الله، ومن أسباب استجابته. ومسح الوجه بعد الدعاء لا يوجد مانع إذا قام به المسلم أو تركه.
- وجه العلماء اختلافا في جواز مسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة، حيث اتفق كثير من العلماء على استحباط مسح الوجه بعد الدعاء، وقدموا بعض الأحاديث كدليل على ذلك، ولكنها ضعيفة.
- أغلب العلماء اتفقوا على عدم توصية بمسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة، واستدلوا على ذلك من خلال عدم توثيق الأحاديث الصحيحة التي تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح وجهه الكريم في الدعاء.
- تلخيص القول والأكثر ترجيحا والأفضل هو عدم مسح الوجه بعد الدعاء سواء في الصلاة أو بعدها أو في أي مكان.
- عدم استحباب مسح الوجه بعد الدعاء لا يعني أنه خطيئة أو ذنب، ولكنه ليس ضروريا إن شاء الله ولا يوجد عائق لفعل ذلك.
آداب الدعاء
الدعاء هو واحد من العبادات الهامة التي حثنا عليها نبينا الكريم، ويجب احترام بعض الآداب المتعلقة به
- الطهارة وتوجيه الوجه إلى القبلة ليستا من شروط الدعاء، ولكنهما من الآداب المحمودة.
- من الأفضل أن يبدأ العبد دعائه بالحمد والثناء على الله عز وجل، ومن المسموح أن يدعو الله باسمائه الحسنى.
- من أهم آداب الدعاء وأسباب استجابته أيضا الصلاة والتسليم على سيدنا محمد في بداية الدعاء وفي نهايته أيضا.
- من آداب الدعاء المهمة أيضا رفع اليدين والتضرع إلى الله في الدعاء، استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: `إن الله حي كريم، فيستحي إذا رفع الإنسان يديه إليه أن يردهما صفرا خائبتين`.
- من الآداب أيضا في الدعاء الإلحاح في الطلب من الله تعالى وعدم التردد.
- من الأفضل أن ندعو في أوقات محددة حيث تكون الإجابة مضمونة في السنة، مثل الثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة وعند الإفطار من الصوم وغيرها من الأوقات التي ينصح بتحقيق الإجابة على الدعاء.
شروط استجابة الدعاء
- استجابة الدعاء هي من فضل الله تعالى وحده، ولا ينبغي للعبد أن يشكو، بل يجب عليه أن يستنجد بالله ويتوسل في الدعاء أكثر من ذلك.
- حدد العلماء بعض الشروط التي يمكن أن تؤدي إلى استجابة الدعاء بإذن الله وهي كالتالي:
- إخلاص الدعاء لله بدعائه وحده دون شريك له، وأن يكون صادقا في إخلاصه ودعائه.
- الشرط الثاني هو ألا يدعو بالإثم ولا يقطع رحمه، كما يتوجب عليه أن لا يستعجل استجابة الدعاء
- دليل ذلك هو ما رواه مسلم عن أبي هريرة، حيث قال رسول الله: `يستجاب للعبد ما لم يدع بالإثم أو قطيعة رحم، وما لم يستعجل`. وسئل رسول الله: ما المقصود بالاستعجال؟ فأجاب: يعني أن يقول الشخص: لقد دعوت ودعوت، ولم أر استجابة لدعائي، فيستسلم لليأس ويتوقف عن الدعاء.
- من شروط الاستجابة أيضا أن يدعو العبد وأن يكون واثقا من الإجابة وأن يكون لديه ثقة حسنة بالله تعالى، استنادا إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه `ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة`.
شاهد أيضًا: هل تعلم عن الصلاة والصوم ؟
مسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة من المسائل الخلافية والتي لا ضرر منها وليست من المسائل العقدية المهمة، للمسلم مسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة ولا حرج عليه، ولكن يستحب عدم مسح الوجه بعد الدعاء.
