سيرة وأقوال ونظريات محي الدين بن عربي

محي الدين بن عربي، الصوفي والشاعر والفيلسوف، ولد في الشهر الكريم عام 558 هـ، الموافق لعام 1165 ميلاديا. في هذا الموضوع، سنتعرف بشكل أعمق على هذا العالم الديني الجليل من الأندلس، من خلال إبراز سيرته وأهم أقواله ونظرياته.

محي الدين بن عربي

يعرف اسمه بالكامل باسم ” محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الاندلسي، ولد في مدينة مرسيه، وهي إحدى المدن الإسبانية في الوقت الحالي، وكان والده من العرب الطائيين، وكانت أمه من العرب الخولانية.

تشتهر عائلته بالتقوى والزهد، وكان معروفا بين الصوفية بألقاب مثل الكبريت الأحمر والشيخ الأكبر، ورئيس المكاشفين، وبحر الزاخر، وبحر الحقائق، وإمام المحققين، وسلطان العارفين، ومحيي الدين.

هو واحد من الفلاسفة المسلمين والصوفيين الكبار، وكان والد محي الدين هو علي بن محمد الفقيه والحديثي الكبير. وكان مشهورا بالزهد والتقوى والتصوف. أما جده، فكان من القضاة الأندلسيين وكان أيضا عالما في عصره. نتيجة لذلك، نشأ محي الدين في بيئة دينية إسلامية.

ذهب والد محي الدين إلى إشبيلية، وفي ذلك الوقت كانت إشبيلية تحكمها السلطان محمد بن سعد. كانت إشبيلية عاصمة حضارية وعلمية في الأندلس. نشأ محي الدين دينيا تحت إشراف أبي بكر بن خلف الملقب بعميد الفقهاء.

قام بتعليم القرآن الكريم له حتى استطاع قراءته بالسبع قراءات وفهم المعاني والإشارات، ثم سلمه والده لمجموعة من أهل الحديث والفقه وبدأ يتنقل بين البلدان، حتى استقر في دمشق ليعيش هناك بقية عمره، وأصبح من أشهر العلماء في المدينة حتى وفاته في عام 1240 ميلادية.

تعرض للإصابة بمرض خطير في سن الشباب، وخلال معاناته الكبيرة مع هذا المرض، رأى رؤية من الله أثناء نومه، حيث كان الأشرار يحيطون به بأعداد كبيرة ليقوموا بقتله.

فجأة رأى فردا جميلا يتميز بقوته البنيانية وبشاشة وجهه، هاجم فورا قوى الشر وانتصر عليهم وتمكن من تفريقهم جميعا، حتى تخلص تماما منهم. ثم سأله محي الدين عن هويته، فأجابه هذا الرجل الشجاع قائلا: أنا سورة يس. بعد ذلك، استيقظ من نومه ليرى والده جالسا بجانبه يقرأ سورة يس فوق رأسه.

بعد أن تم شفاؤه من هذا المرض الشديد، جاءت له فكرة أنه مستعد للانخراط في الحياة الروحية ويرغب في السير فيها حتى النهاية.

شاهد أيضًا: معلومات عن الشاعر فاروق جويدة

سيرة محي الدين بن عربي

كان محي الدين بن عربي رجلا صوفيا وشاعرا وفيلسوفا، وقد حصل على لقب الشيخ الأكبر المعروف بين الصوفيين، وأطلقوا عليه في الشرق الأوسط اسم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي.

كان يتبع المذهب السني، وعلى الرغم من ذلك قام بكتابة العديد من المؤلفات حول الأئمة الاثني عشر الشيعة، والتي أصبحت لديهم أهمية كبيرة.

حدث جدل واسع بخصوص مذهب محي الدين الفقهي وانتمائه إليه، ولكن الاحتمال الأكثر وجودا هو أن المذهب الظاهر هو المذهب الفقهي الذي ينتمي إليه.

انتشرت أعمال محي الدين بشكل واسع جدا بالإضافة إلى تعاليمه في جميع أنحاء العالم، ولم تقتصر على المسلمين فقط بل انتشرت بين شرائح المجتمع المختلفة بسبب انتشار الصوفية بشكل كبير.

وقد تم ترجمة الأعمال التي كتبها محي الدين إلى عدة لغات منها الفارسية والتركية والأردية، بسبب شهرتها العالمية الكبيرة.

عائلة محي الدين بن عربي

محي الدين ولد في عائلة ذات أصول متداخلة، حيث كان والده من أصل عربي وكان ينتمي إلى قبيلة من القبائل العربية الشهيرة والبارزة، والمعروفة باسم الطئ.

أما والدته، فكانت تنتمي إلى البربر الذين كانوا يعيشون في شمال القارة الإفريقية، وذكر محي الدين في كتاباته أن عمه `يحيى الصنهاجي` كان من أثرياء قومه وكان يشغل منصب أمير مدينة التلمسان، ومع ذلك، قرر أن يترك هذا المنصب لينضم إلى الصوفية بعد لقائه ببعض الشيوخ الصوفيين.

والد محي الدين، الذي كان يعرف باسم `علي بن محمد`، كان خادما في جيش حاكم المرسية، أبن مردنيش. بعد وفاته، انتقل علي بن محمد للخدمة في أبو يعقوب يوسف الأول، المعروف بسلطان الموخدين، في عام 1172 ميلاديا.

وبناء على ذلك، عاد للعمل في الحكومة من جديد، وانتقلت عائلته معه من المرسية إلى إشبيلية. هناك نشأ محي الدين في بلاط الحاكم وتلقى التدريبات العسكرية. بعد فترة من التدريب، تم تعيينه كسكرتير خاص لحاكم إشبيلية. تزوج سيدة تسمى مريم، والتي كانت من عائلة مشهورة ومرموقة.

شاهد أيضًا: معلومات عن الشاعر بشارة الخوري

نشأة محي الدين بن عرب الروحية

نتيجة للتربية الدينية التي نشأ عليها محي الدين وتكرار زيارته للمدارس الروحانية، ظهرت لديه الروحانيات في شبابه، حيث انخرط في التجارب الروحانية والإلهامية عندما كان في عقده الثاني.

عندما يقترب من سن العشرين، يعلن عن خطواته نحو المسارات الروحانية، ويكشف عن اكتشافه لأسرار الحياة الصوفية، وتظهر أمامه العديد من الأمور الخفية، ويبدأ في تكريس حياته في البحث المستمر غير المنقطع عن مساعدته على تحقيق التكامل الطبيعي.

جولات محي الدين بن عربي

معروف عن محي الدين أنه كان يسافر بين العديد من البلدان، وقام بالعديد من الرحلات، ومن بين هذه الرحلات التالية:

رحلته إلى غرناطة

ذهب محي الدين إلى غرناطة مع الشيخ الخاص به أبي محمد عبد الله الشكاز في عام 595 هـ.

رحلته لبلاد الشرق

قام برحلات متعددة إلى بلاد الشرق التي كانت طويلة جدا، واستقر في دمشق. تمت هذه الرحلة في الفترة من عام 597 إلى 620 هـ، أو ما يوازي 1200 إلى 1223م.

رحلته إلى مكة المكرمة

ذهب محي الدين إلى مكة المكرمة في عام 1201 ميلاديا، وهناك استقبله الشيخ الإيراني وقور جليل، الذي كان معروفا بعقله المتزن وحالته الطيبة وأخلاقه الحسنة. وهناك قابل فتاة تدعى نظام، ابنة الشيخ الإيراني، التي كانت جميلة وحسنة الأخلاق، ولذا قام بالزواج منها.

رحلته للطائف

ذهب محي الدين إلى الطائف في عام 599 هـ لزيارة ابن عم نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، عبد الله بن عباس، وهناك عمل على استخارة الله لكتابة الرسالة المعروفة باسم `حلية الأبدال` لأصحابها، وهم `أبي محمد عبد الله بن بدر بن عبد الله الحبشي` و `أبي عبد الله محمد بن خالد الصدفي التلمساني`.

رحلته للموصل

ذهب محي الدين إلى الموصل في العام 601هـ الموافق 1204 ميلاديا، وهناك تعرف على تعاليم الصوفية الكبيرة `علي بن عبد الله بن جامع`، وفي نفس العام ذهب لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رحلته للقاهرة

في عام 1206 ميلادية، قام محي الدين بزيارة مدينة القاهرة.

أقوال محي الدين بن عربي

تعددت أقوال محي الدين بن عربي، والتي من بينها ما يلي:

  • من يقول `الحلول` فإن دينه محدود، ومن يقول `الاتحاد` إلا أهل الإلحاد.
  • إذا صح أن يرتقي الفرد فوق إنسانيته والملك فوق ملكه ويتحدى بالله تعالى، فإن الانقلاب على الحقائق يمكن أن يحدث والإله يخرج عن كونه إلها، ويصبح الحق خالقا والخلق حقا.
  • الله تعالى هو واحد بالاتفاق، ومكانته العليا يسمح له بأن يدخل في شيء أو يجعل شيئا يدخله أو يتحد في شيء.

نظريات محي الدين بن عربي

ظهرت نظريات متعددة حول محي الدين بن عربي، ومن أبرزها نظريته عن الإنسان الكامل. كانت فكرته الأصلية متأثرة بالدين الإسلامي وتحديدا بالتصوف، ولكن محي الدين استمر في تطوير هذه النظرية وتحليلها بشكل أعمق. ناقش فيها الوحدانية وأدلى بتفسيره الخاص بالإنسان الكامل.

بالإضافة إلى النظرية السابقة، هناك العديد من النظريات الأخرى، بما في ذلك نظرية ختم الولاية، ونظرية الأعيان الثابتة، ونظرية المراتب السبعة، ونظرية التنازلات الستة.

شاهد أيضًا: معلومات عن صلاح الدين الأيوبي بالمراجع

في نهاية الموضوع وبعد أن تعرفنا على نشأة محي الدين بن عربي وسيرته وعائلته، وعلى مذهبه وآرائه، ننصحكم بمشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

سيرة وأقوال ونظريات محي الدين بن عربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *