ديوان الإمام الشافعي هو واحد من الأشعار الجميلة التي تحمل مضامين دعوية فصيحة، ومن خلالها يظهر قوة الكلمة ومعناها في رؤية الإمام. يكشف هذا الديوان أيضا أن الشعر هو صورة مطابقة للواقع الذي يجب أن يعيشه الناس من خلال نصائحه العميقة. في هذا المقال، سنتحدث من خلال موقع مقال mkaal.com عن هذا الموضوع.
ديوان الإمام الشافعي
هذا الديوان هو نتيجة استخدام استراتيجيات عقلية تجمع بين وصايا ومبادئ الدين وتناغم الألفاظ التي يفضلها الناس لتصل إلى آذانهم، ومن بين مقتطفات الشافعي التي يمكننا ذكرها في هذا المقال حديثه عن الأمور التالية:
- عمر الإنسان ليس إلا فترة قصيرة، وحتى إذا امتد لعدة سنوات، يتم قياس الحياة بالأعمال وليس بالزمن. فكم من صغير قد حقق الكثير وتوفي في سن مبكرة، والعكس صحيح.
- انقض عن شهوتك، مؤكدا أن الشهوة هي أول درجات الإغراء والسقوط في أسر الخطايا، فكلام الله هو النجاة وكلام النفس هو قارب صغير يسير نحو تيار الشهوات الذي يجرفه إلى حيث شاء.
- لا تستهزئ بالدعاء، فالدعاء هو سلاح المؤمن الذي يثق بربه. به يقسم البحر لموسى إلى نصفين وبه حصل إبراهيم على النجاة من النار. إن الدعاء هو اختبار للتوكل على الله، فاحمل هم الدعاء ولا تحمل هم الإجابة. فثق بربك.
- الشيب إشارة للهلاك، عندما يتحول شعر الشخص إلى اللون الأبيض يجب عليه أن يدرك أنه زائل بلا شك، ومعها تتضاءل القوة فلتستغلها قبل الوقت، ومعها يتلاشى العزم وتتغير الحالة من الغنى إلى الفقر وهكذا.
- الشخص الفقير أخلاقيا والذي نواياه الحسنة قد تلفت، هو الشخص الغني بالمعرفة والأخلاق. المال والمكانة لا يصلحانه، بل يزيدان تدهوره. لذا، كن غنيا بالعلم والأخلاق التي يستند إليها الشخص وازدهر بها، حيث إن المال هو فتنة قادرة على السقوط والنجاح على حد سواء.
- من الظلمات العادلة أن تقبل هزيمة نفسك من أجل الآخرين، أو أن تنصف ظالما بالمساعدة والتضرع، فلا تصفق للباطل وتعتصم بالحق، فالرجال يتميزون بالحق والحق لا يتميز بالرجال.
- كما تناول الشافعي في ديوانه مواضيع أخرى مثل أخلاق المسلمين وبيعهم الدين بالدنيا، وعنون موضوعا آخر بأنني سأتحدث عن طول البلاد وعرضها.
- ديوان الشافعي لم يتوقف عند هذه النقطة، بل ناقش أمورا أخرى مثل حالة الطفل الفقير وكذلك فقرة `أنت حسبي` وحق الأديب وغيرها من المواضيع والأمور المفيدة.
اقرأ أيضا: من أقوال الشافعي
اقتباسات من ديوان الشافعي
ومن بين أفضل الأبيات الشعرية التي يصعب أن تجد من لم يسمعها أو يقرأها من قبل، الأبيات التالية:
تموت الأسد من الجوع في الغابات وتأكله الكلاب لحم الضأن.
عبد ينام على الحرير وعلمه يقع على الأتربة.
ومن بين تلك الأبيات الجليلة التي قالها الشافعي في ديوانه الماتع:
تستهزئ بالدعاء وتستخف به، ولا تعلم ما يحققه الدعاء.
سهام الليل لا تخطئ، لكن لها مدة محدودة وتنقضي.
يعبر الشاعر الشافعي في هاتين البيتين عن قيمة الروحية التي تتفوق على المعرفة العقلية، ويبدو أن هذه الأشعار التي مرت عليها مئات السنين تعكس واقعنا الحالي بدقة تامة، كما لو كانت جزءا من الثقافة العربية الأصيلة التي تتوارثها الأجيال، إلى جانب قوة الدعاء في تحقيق أكبر الأمنيات.
كما يمكنكم التعرف على: أجمل ما قال الإمام الشافعي
ديوان الشافعي منبت بيئته العربية
تأثر الشافعي بعدة عوامل تتعلق بنشأته وهويته العربية الأصلية، وكان لذلك تأثير كبير على حيوية اللغة التي كتب فيها أشعاره وأبياته، ومن بينها ديوانه الشهير الذي نتناوله هنا، ومن بين تلك العوامل ما يلي:
- هو محمد بن إدريس الشافعي القرشي، وينتمي أصلا إلى مكة المكرمة، وبالتالي فهو وريث الفصاحة واللغة العربية الأم.
- وفقا للأقوال الشهيرة، ولد في غزة داخل فلسطين، بينما يرون البعض أنه ولد في اليمن.
- شعرت أمه بالقلق من أن تسيطر هذه النسب على أصله الحقيقي، لذا أرسلته إلى مكة المكرمة وهو في العاشرة من عمره، وعاش حياته هناك حتى وفاته.
- من بين الأقوال التي تستشهد بها كدليل على البلاغة الشافعية في ديوانه، ما قاله أحمد بن حنبل عنه بأنه من أفصح الناس، وكما قال عنه الربيع بن سليمان بأنه عربي الأصل في اللغة والبيان واللسان.
كما يمكنكم الاطلاع على: أشهر أقوال وحكم الإمام الشافعي مكتوبة
في نهاية مقالنا، تحدثنا عن ديوان الشاعر الشافعي وأبرز المواضيع التي تناولها شعريا، ونقدم لكم مقتطفات من أشعاره الديوانية، بالإضافة إلى أسباب تميزه اللغوي التي تظهر في هذا الديوان.
