سنتحدث اليوم عن ظاهرة الصدى وأهميتها للكائنات الحية. إن ظاهرة الصدى هي واحدة من الظواهر الطبيعية التي لفتت انتباه الإنسان منذ أزمنة قديمة بسبب تطبيقيتها الفريدة. ومع مرور الوقت، بدأ الاهتمام بهذه الظاهرة يتلاشى نتيجة للتكدس في مناطق مختلفة من العالم.
الصوت
- تعتبر موجات غير مرئية وغير ملموسة ناتجة عن تأثيرها، وتنتشر في المساحة المحيطة بمصدر الصوت في جميع الاتجاهات تماما.
- تتفاوت جاذبية الموجات الصوتية من موجة إلى أخرى، وتختلف تأثيرها في المواد المختلفة (مثل الصلب والماء والهواء)، وتتفاوت الكائنات الحية في آلية استقبال هذه الموجات وفقا لنظام سماعها الخاص في كل كائن.
- على سبيل المثال، قد يسمع الفرد أصواتا لا يسمعها أي شخص آخر، أو قد تسمع النملة أصواتا لا يستطيع الفرد سماعها، وذلك حسب نظام السمع الفردي وآلية جمع مستقبلات السمع وقدراته.
- يتكون الجزء الخارجي للأذن البشرية من ممرات منحنية بدرجة معينة، ويسمح هذا الشكل الخاص للأذن بجمع الموجات الصوتية المستلمة وتوجيهها في مسار داخل الأذن.
- بعد ذلك، ترسل الأذن الداخلية إشارة إلى الدماغ مع محفز يحث الدماغ على إرسال إشارة تفيد بأنها تحلل هذه الموجات الصوتية المنقطعة من خلال تنشيط مستقبلات الأذن الداخلية لأداء وظيفتها.
- وهي تشكل معا شريحة صوتية لها معنى في عقل الإنسان يتم تفسيره. كما ذكرنا سابقا، يختلف شدة الصوت من متوسطة إلى أخرى.
- إذا افترضنا أن لدينا قضيبا حديديا نضربه بقوة على سطح حديدي بنفس القوة، فإن الصوت الناتج عن هذه العملية، على الرغم من أن القوة المستخدمة متساوية، سيتنوع صوتها في الوسط المائي وفي الوسط الصلب بشدتها.
- وبالتالي، سنسمع صوتا أعلى في الماء من الصوت في وسط صلب، وذلك يعتمد على سرعة انتشار الموجات الصوتية.
- بما أن الصوت يتكون من موجات، فمن الواضح أننا يجب أن نعرف أنه يتمتع بخصائص الموجات مثل صدى الصوت.
الصوت كوسيلة تواصل
- يستخدم الصوت كوسيلة للتواصل بين الكائنات الحية، على سبيل المثال، يطرد الشخص الهواء من الرئتين بكميات محددة ويصطدم بالحبال الصوتية أثناء خروجه.
- وبسبب ذلك، يحدث اهتزاز في الحبل الصوتي وتكوين موجات مختلفة تخرج من الفم لكي يتمكن الشخص من نطق الحروف، وتستخدم هذه العملية أيضا عند الحيوانات في عمليات التزاوج والدعوة والقتال بينها، حيث يتسبب الصوت العالي في إثارة الخوف لدى الطرف الآخر.
استخدامات الصوت
- تختلف مجالات استخدام الصوت في العديد من الصناعات، يتم استخدامه في المجال العلمي لدراسة تأثير الاهتزازات على التوصيل الكهربائي والتسبب في ما يعرف بـ اضطراب الإشارات الكهربائية.
- بالإضافة إلى تأثير الصوت على المعادن المختلفة أثناء النقل، يمكننا رؤية موجات مشابهة للموجات الصوتية عندما نلقي حجرا في بركة، حيث نلاحظ توسع الحلقات الدائرية على سطح الماء حتى تتلاشى.
عملية سماع الأصوات
- تختلف مستويات الصوت المسموعة وفقا لأطوال موجاتها، فهناك موجات صوتية غير مسموعة للإنسان والتي يمكن للحيوانات سماعها.
- لذلك، لجأ الناس إلى ابتكار آلات قادرة على اكتشاف الموجات الصوتية غير المسموعة وتحويلها إلى أصوات مسموعة بعد تنقيتها بواسطة عمليات مختلفة يمكن فهمها.
- وتتم عملية سماع الشخص عن طريق إدخال موجات صوتية من الأذن البشرية حتى تصل إلى طبلة الأذن الداخلية، مما يسبب اهتزازات فيها.
- ثم ينتقل إلى الأذن الداخلية، حيث تعمل على تحويل هذه الاهتزازات إلى إشارات كهربائية يمكن تحليلها من قبل الدماغ وتحويلها إلى لغات مفهومة للبشر.
ظاهرة الصدى
- لم تقتصر ظاهرة الصدى على الصوت فحسب، بل تجاوزت ذلك لتشمل أيضا الموجات الكهرومغناطيسية، والتي يتم تمثيلها بانعكاس الضوء في المرايا، وقد تم استخدام ما يسمى الرادار لتحديد المسافة بين القمر والأرض.
- الصدى هو عملية انعكاس الصوت بشكل عام، ولكن يعتبر الصدى ارتباطا وثيقا بالصوت، حيث يصل الصوت مباشرة إلى أذن المستمع بعد إصداره.
- وكذلك الصوت الذي يرتد من قاع البئر أو داخل مبنى خال أو على الجانب الآخر لجدران الغرفة.
- تأكد علميا أن ظاهرة الصدى مرتبطة بتداخل الموجة الصوتية مع سطح صلب، مما يؤدي إلى انعكاسها وعودتها إلى نقطتها الأصلية.
- يتم قياس الفاصل الزمني بين بداية الصوت الأصلي وانعكاسه (الصدى) بمقدار 0.1 ثانية. يجب أن نذكر أن الصوت والضوء يتصفان بسلوك مشابه، حيث يمكن إثبات ذلك من خلال إلقاء الضوء على مرآة بزاوية محددة.
- يتم عكسها بزاوية مماثلة للضوء الصادر منها. ومع ذلك، يكمن الاختلاف بين الضوء والصوت في السرعة. يمكن للضوء أن ينتشر بسرعة هائلة تصل إلى 300 ألف كيلومتر في الثانية.
تاريخ الصدى
- أثارت الصدى اهتمام الناس بالشخص الذي بدأ القصة، وكان الناس يتحدثون دائما عن الأساطير المتعلقة بهذه الظاهرة، ومن بين الأساطير الأكثر شهرة قصة إيكو لليونانيين.
- تروي الأسطورة اليونانية أن زيوس كان يتسم بعلاقات متعددة مع النساء وكان يحب جذب حوريات جبل أوليمبوس.
- زوجته هيرا كانت أيضا أخته، وكانت تشعر بغيرة شديدة عليه، مما دفعها للذهاب إلى جميع أنحاء الجبل لمنعه من الاقتراب من الحوريات.
- وفي كل مرة يطاردها زوجها زيوس، تظهر حورية إيكو، واحدة من الحوريات، على جبل أوليمبوس، وتشتت انتباهها عن مطاردة زوجها من خلال محادثاتها المشوقة والجميلة.
- عندما كشفت هيرا خدعة إيكو، غضبت بشدة وألقت عليها لعنة تمنعها من الكلام وتجبرها على تكرار آخر ثلاث كلمات سمعتها، وبذلك أصبحت إيكو وحيدة وترددت كل الكلمات التي سمعتها.
أطول صدى على الإطلاق
قام العلماء بتجربة داخل أحد أنفاق جبال اسكتلندا العالية، حيث أطلقوا رصاصة على خزان وقود يبلغ سمك جدرانه حوالي 45 سم في روس شاير بإسكتلندا. سجلوا الصدى الذي استمر لمدة 112 ثانية، محطمين بذلك الرقم القياسي لأطول صدى.
استخدامات صدى الصوت
يستطيع الإنسان استغلال ظاهرة الصدى بما يتناسب مع اهتماماته، لذا يستخدم مقياس الصدى في عدة مناطق، وأهمها:
- اكتشاف وكشف آبار النفط في الأرض.
- البحث بالموجات فوق الصوتية عن البشر.
- البحث عن عمق البحار والمحيطات.
- كشف مواقع الأرصدة السمكية لصيدهم.
الاستشعار بالصدى
- كشف الصدى هو طريقة يعتمد عليها الحيوان بشكل أساسي للتعرف على فريسته. من خلال إصدار أصوات، يتمكن الحيوان من استيعاب البيئة والتعرف عليها، مما يساعده في التعامل مع العوائق التي قد تواجهه.
- والانتظار والسيطرة على الفريسة، ويمكن للعقل البشري الاستفادة من هذا الآلية عن طريق توظيفها في مختلف مجالات الاتصال.
أهمية الصدى للحيوانات
- تعتبر ظاهرة الصدى مهمة للكائنات الحية بجميع أشكالها، فعلى سبيل المثال، يعتمد الحيوان على الاستشعار باستخدام الصدى كوسيلة لتتبع موقع فريسته، نظرا لأنها تعتبر السلاح الأول الذي يستخدمه.
- لأنه يصدر أصواتا تساعده على فهم المكان الذي يوجد فيه، ويحثه الصدى على التعرف على الصعاب التي قد يواجهونها للقبض على فريسته.
- وأمثلة على الحيوانات التي تستفيد من ظاهرة الصدى هي الدلافين والحيتان، حيث يساعدها ذلك في تحديد اتجاه حركتها في الماء وموقع السد.
- بعض الحيوانات تستخدم الصدى كوسيلة للتواصل ولغة للتواصل بين أفرادها، ومن بين الحيوانات التي تعتمد بشكل كبير على ظاهرة الصدى هي الخفافيش، حيث تستفيد منها لتحديد عناصر البيئة المحيطة لتحقيق أهدافها.
أهمية الصدى للإنسان
- تكمن أهمية الصدى للبشر في مجموعة من المجالات الطبية، حيث يستخدم الأطباء انعكاس الموجات فوق الصوتية لاستخراج الأعضاء الداخلية لجسم الإنسان وبالتالي تشخيص الحالة المرضية.
- بالإضافة إلى فحص الأجنة، يمكن الوثوق بها لغرض استكشاف مواقع حقول النفط على الأرض ومراقبة الأرصدة السمكية للصيد، ويستخدمها البشر لقياس عمق البحار والمحيطات.
حدوث ظاهرة الصدى
- أثبتت الدراسات العلمية أن حدوث ظاهرة الصدى يترتب على تأثير الموجة الصوتية على سطح صلب بشكل وثيق، وتحدث نتيجة التصادم مع مصدر الصوت، ويستغرق الصدى حوالي 0.1 ثانية.
- هذا الفترة الزمنية بين لحظة إصدار الصوت وصدى الصوت في نقطة البداية يمكن أن يكون الصوت مرتدا بشكل متكرر إذا كانت الفجوة العازلة أو المسافة أكبر، ويعود عندما يصطدم الصوت بحواجز متعددة، وبالتالي تتكاثر موجات الانعكاس.
الفرق بين الصدى والارتداد
- يحدث الارتداد عادة في غرفة صغيرة ذات أبعاد تبلغ حوالي 17 مترا أو أقل في الطول والعرض والارتفاع، بسبب تأثير موجة معينة على الدماغ يستمر لجزء صغير من الثانية.
- تحتفظ الدماغ بالصوت في الذاكرة لفترة تصل إلى 0.1 ثانية، وبالتالي، إذا وصلت الموجة الصوتية المنعكسة إلى الأذن خلال 0.1 ثانية من الصوت الأصلي، سيعتقد الشخص أن هذا هو الصوت الأصلي.
- في حالة استخدامه لفترة طويلة، واستقبال الانعكاسات المتعددة من الجدران والأسقف في غضون 0.1 ثانية من بعضها البعض يؤدي إلى حدوث الصدأ، ويمكن أن يتسبب انعكاس الموجات الصوتية أيضا في تشكل الصدى.
- يختلف عن الصدى، حيث يحدث عندما تصل الموجة الصوتية المنعكسة إلى الأذن بعد سماع الموجة الصوتية الأصلية بأكثر من 0.1 ثانية.
في ختام رحلتنا في استكشاف ظاهرة الصدى للكائنات الحية وأهميتها، يمكننا القول إن الصدى هو أحد الأمور التي أثارت اهتمام الإنسان لفترة طويلة، ويحدث بشكل دائم وفي كل مكان.
